لإطلاق الشعر به. والسرياح: الجراد لانطلاقه في البلاد. وأن يخافا معناه: أن يظنا، قال الشاعر:
أتاني كلام عن نصيب يقوله، * وما خفت يا سلام أنك عائبي يعني ما ظننت، وأنشد الفراء:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة، * تروي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفنني في الفلاة، فإنني * أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها الاعراب: (الطلاق): رفع بالابتداء. و (مرتان): الخبر. وقوله:
(فإمساك): خبر مبتدأ محذوف تقديره فالواجب عليكن إمساك، ولو كان في الكلام فامساكا بالنصب، لكان جائزا على فامسكوهن إمساكا بمعروف، كما قال:
فامسكوهن بمعروف. و (أن يخافا): موصول وصلة موضعهما نصب بأنه مفعول له تقديره لمخافتهما و (أن لا يقيما): في موضع نصب بأنه مفعول (يخافا) تقديره:
يخافا ترك إقامة حدود الله.
النزول: روى هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أن امرأة أتتها، فشكت أن زوجها يطلقها ويسترجعها، يضارها بذلك. وكان الرجل في الجاهلية إذا طلق امرأته، ثم راجعها قبل أن تنقضي عدتها، كان له ذلك، وإن طلقها ألف مرة، لم يكن للطلاق عندهم حد، فذكرت ذلك لرسول الله، فنزلت الطلاق مرتان. فجعل حد الطلاق ثلاثا، والطلاق الثالث قوله: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره). وروي أيضا أنه قيل للنبي: " الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ قال: إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان ".
وقوله: (إلا أن يخافا) فأنزل في ثابت بن قيس بن شماس، وزوجته جميلة بنت عبد الله بن أبي، وكان يحبها وتبغضه، فقال لها: أتردين عليه حديقته؟ قالت:
نعم وأزيده. قال: لا حديقته فقط. فردت عليه حديقته. فقال: يا ثابت خذ منها ما أعطيتها، وخل سبيلها، ففعل. فكان أول خلع في الاسلام.
المعنى: ثم بين سبحانه عدد الطلاق، فقال: (الطلاق مرتان) أي: الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان، وفي معناه قولان أحدهما: إنه بيان تفصيل طلاق السنة، وهو أنه إذا أراد طلاقها ينبغي أن يطلقها في طهر، لم يقربها فيه بجماع،