عز وجل، أو بشئ من صفاته التي لا يشاركه فيها أحد غيره، على وجه لا يقع موقع اللغو الذي لا فائدة فيه، ويكون الحلف على الامتناع من الجماع على وجه الغضب والضرار، وهو المروي عن علي وابن عباس والحسن. وقيل في الغضب والرضا، عن إبراهيم والشعبي وجماعة من الفقهاء. وقيل: هو في الجماع وغيره من الضرار، نحو أن يحلف لا يكلمها، عن سعيد بن المسيب.
(فإن فاءوا) أي: رجعوا إلى أمر الله بأن يجامعوا عند القدرة عليه، أو يراجعوا بالقول عند العجز عن الجماع، عن ابن عباس ومسروق وسعيد بن المسيب، وهو مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقيل: يكون فائيا بالعزم في حال العذر، إلا أنه ينبغي أن يشهد على فيئه، عن الحسن وإبراهيم وعلقمة، وهذا يكون عندنا للعاجز عن الجماع، ويجب على الفائي عندنا كفارة، ولا عقوبة عليه، وبه قال ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وقتادة. وقال الحسن وإبراهيم: لا كفارة عليه، ولا عقوبة لقوله: (فإن الله غفور رحيم) ومعنى غفور عندنا أنه لا يتبعه بعقوبة، ومن حلف أن لا يجامع أقل من أربعة أشهر، لا يكون موليا. ومن حلف أن لا يقربها وهي مرضعة مخافة أن تحبل، فيضر ذلك بولدها، لا يلزمه حكم الإيلاء. وإذا مضت أربعة أشهر، ولم يجامع ألزمه الحاكم إما الرجوع والكفارة، وإما الطلاق، فإن امتنع حبسه حتى يفئ أو يطلق.
(وإن عزموا الطلاق) عزيمة الطلاق عندنا: أن يعزم، ثم يتلفظ بالطلاق.
ومتى لم يتلفظ بالطلاق على الوجه المشروع، فإن المرأة لا تبين منه، إلا أن تستعدي، فإن استعدت، وأنظره الحاكم أربعة أشهر، فإنه يوقف عند الأشهر الأربعة، ويقال له: فئ أو طلق. فإن لم يفعل حبسه حتى يطلق، وبه قال الشافعي، إلا أنه قال: متى امتنع من الطلاق، والفئة، طلق عنه الحاكم طلقة رجعية. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا مضت أربعة أشهر، ولم يفئ بانت منه بتطليقة، ولا رجعة له عليها، وعليها العدة، يخطبها في العدة، ولا يخطبها غيره.
(فإن الله سميع عليم) يسمع قوله، ويعلم ضميره. وقيل: يسمع ايلاءه، ويعلم نيته. وإنما ذكر عقيب الأول (فإن الله غفور رحيم) لأنه لما أخبر عن المولى أنه يلزمه الفئ، أو الطلاق، بين أنه إن فاء فإن الله غفور رحيم بأن يقبل رجوعه، ولا يتبعه بعقاب ما ارتكبه، وذكر ههنا أنه سميع عليم، لما أخبر عنه بإيقاع الطلاق،