والحسن وقتادة ومجاهد، وهو قول محمد بن الحسن، ويوافق مذهبنا أنه لا يحرم منها غير موضع الدم فقط. وقيل: يحرم ما دون الإزار، ويحل ما فوقه، عن شريح وسعيد بن المسيب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. (ولا تقربوهن) بالجماع، أو ما دون الإزار على الخلاف فيه (حتى يطهرن) بالتخفيف معناه: حتى ينقطع الدم عنهن، وبالتشديد معناه: يغتسلن، عن الحسن ويتوضأن، عن مجاهد وطاوس وهو مذهبنا.
(فإذا تطهرن) أي: اغتسلن. وقيل: توضأن. وقيل: غسلن الفرج (فأتوهن) فجامعوهن وهو إباحة، وإن كان صورته صورة الأمر، كقوله: (وإذا حللتم فاصطادوا). (من حيث أمركم الله) معناه: من حيث أمركم الله تجنبه في حال الحيض، وهو الفرج، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع. وقيل: من قبل الطهر دون الحيض، عن السدي والضحاك. وقيل: من قبل النكاح دون الفجور عن ابن الحنفية، والأول أليق بالظاهر. قال الزجاج معناه: من الجهات التي تحل فيها أن تقرب المرأة، ولا تقربوهن من حيث لا يحب أي: لا تقربوهن وهن صائمات أو محرمات أو معتكفات. وقال الفراء ولو أراد الفرج لقال في حيث، فلما قال من حيث، علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله بها. وقال غيره: إنما قال من حيث لأن من لابتداء الغاية في الفعل نحو قولك ائت زيدا من مأتاه أي: من الوجه الذي يؤتى منه.
(إن الله يحب التوابين) من الذنوب (ويحب المتطهرين) قيل معناه:
المتطهرين بالماء، عن عطا. وقد رواه (1) أصحابنا أيضا في سبب نزول الآية.
وقيل: يحب المتطهرين من الذنوب، عن سعيد بن جبير، ولم يذكر المتطهرات، لأن المؤنث يدخل في المذكر. وقيل: التوابين من الكبائر والمتطهرين من الصغائر.
وفي هذه الآية دلالة على وجوب اعتزال المرأة في حال الحيض. وفيها ذكر غاية التحريم، ويشتمل ذلك على فصول أحدها: ذكر الحيض: وأقله وأكثره، وعندنا:
أقله ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، وهو قول أهل العراق. وعند الشافعي، وأكثر أهل المدينة: أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوما. وثانيها: حكم الوطء في حال الحيض: فإن عندنا إن كان في أوله يلزمه دينار، وإن كان في وسطه فنصف دينار،