النزول: نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي، بعثه رسول الله إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين، وكان قويا شجاعا، فدعته امرأة يقال لها عناق إلى نفسها، فأبى وكانت خلة (1) في الجاهلية، فقالت: هل لك أن تتزوج بي؟ حنى استأذن رسول الله. فلما رجع استأذن في التزوج بها، فنزلت الآية.
المعنى: لما تقدم ذكر المخالطة، بين تعالى من يجوز مخالطته بالنكاح، فقال: (ولا تنكحوا المشركات) أي: لا تتزوجوا النساء الكافرات (حتى يؤمن) أي: يصدقن بالله ورسوله، وهي عامة عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وليست بمنسوخة، ولا مخصوصة. واختلفوا فيه، فقال بعضهم:
لا يقع اسم المشركات على أهل الكتاب، وقد فضل الله بينهما فقال (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين)، (وما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين)، وعطف أحدهما على الآخر فلا نسخ في الآية ولا تخصيص. وقال بعضهم: الآية متناولة جميع الكفار، والشرك يطلق على الكل. ومن جحد نبوة نبينا محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " فقد أنكر معجزه، وأضافه إلى غير الله، وهذا هو الشرك بعينه، لأن المعجز شهادة من الله له بالنبوة.
ثم اختلف هؤلاء، فمنهم من قال: إن الآية منسوخة في الكتاب بالآية التي في المائدة: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)، عن ابن عباس والحسن ومجاهد. ومنهم من قال: إنها مخصوصة بغير الكتابيات، عن قتادة وسعيد بن جبير. ومنهم من قال: إنها على ظاهرها في تحريم نكاح كل كافرة، كتابية كانت أو مشركة، عن ابن عمر وبعض الزيدية، وهو مذهبنا. وسيأتي بيان آية المائدة في موضعها إن شاء الله (ولأمة مؤمنة خير من مشركة) معناه: مملوكة مصدقة مسلمة، خير من حرة مشركة (ولو أعجبتكم) ولو أعجبتكم بمالها أو حسبها أو جمالها.
وظاهر هذا يدل على أنه يجوز نكاح الأمة المؤمنة مع وجود الطول. فأما قوله: (فمن لم يستطع منكم طولا) الآية، فإنما هي على التنزيه دون التحريم.
(ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) معناه: ولا تنكحوا النساء المسلمات جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، حتى يؤمنوا. وهذا يؤيد قول من يقول إن