يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون [219] في الدنيا والآخرة ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم [220]).
آيتان في الكوفي، وآية واحدة فيما عد الكوفي تتفكرون آية، وتركها غيره.
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير عاصم: (إثم كثير) بالثاء. والباقون بالباء.
وقرأ أبو عمرو وحده: (قل العفو) بالرفع. والباقون بالنصب.
الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ بالباء أن يقول: الباء أولى، لأن الكبر مثل العظم، ومقابله الصغر. والكبير: العظيم، قال تعالى: (وكل صغير وكبير مستطر). وقد استعملوا في الذنب إذا كان موبقا الكبيرة، كقوله: (كبائر ما تنهون عنه) و (كبائر الإثم) فلذلك ينبغي أن يكون قوله: (قل فيهما إثم كبير) بالباء، لأن شرب الخمر والميسر من الكبيرة. وقالوا في غير الموبق: صغير وصغيرة، ولم يقولوا: قليل. ومقابل الكثير القليل، كما أن مقابل الكبير الصغير، ويدل على ذلك أيضا قوله (وإثمهما أكبر من نفعهما) واتفاقهم هنا على أكبر، ورفضهم لأكثر.
ووجه قراءة من قرأ بالثاء أنه قد جاء فيهما: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) وفي الحديث: " لعن الرسول في الخمر عشرة: مشتريها والمشتراة له، وعاصرها والمعصورة له، وساقيها والمستقي لها، وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها " فهذا يقوي قراءة من قرأ كثير. وأما وجه قول من نصب (العفو): فهو أن قولهم ماذا يستعمل على ضربين أحدهما: أن يكون ما مع ذا اسما واحدا. والآخر: أن يكون ذا بمعنى الذي، فالأول قول العرب عما ذا تسأل أثبتوا الألف في ما لما كان ما مع ذا بمنزلة اسم واحد، فإن الحذف إنما يقع إذا كانت الألف آخرا، ومن ذلك قول الشاعر:
يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم * لا يستفقن إلى الديرين تحنانا (1)