فبينا نحن ننظره أتانا * معلق شكوة، وزناد راع (1) أي: ننتظره. وأصل النظر: الطلب لإدراك الشئ. وإذا استعمل بمعنى الانتظار فلأن المنتظر يطلب إدراك ما يتوقع. وإذا كان بمعنى الفكر بالقلب، فلأن المتفكر يطلب به المعرفة. وإذا كان بالعين، فلأن الناظر يطلب الرؤية. والظلل:
جمع ظلة ما يستظل به من الشمس. وسمي السحاب ظلة لأنه يستظل به. والغمام:
السحاب الأبيض الرقيق، سمي بذلك لأنه يغتم أي: يستر.
الاعراب: (هل): حرف استفهام بمعنى النفي. (إلا) ها هنا لنقض النفي. (أن يأتيهم الله): في موضع نصب (ينظرون). (من الغمام): يتعلق بمحذوف، فهو جملة ظرفية في موضع الجر صفة (ظلل).
المعنى: ثم عقب سبحانه ما تقدم من الوعيد بوعيد آخر، فقال: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) أي: هل ينتظر هؤلاء المكذبون بآيات الله إلا أن يأتيهم أمر الله، أو عذاب الله، وما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب. وقيل: قطع من السحاب، وهذا كما يقال: قتل الأمير فلانا، وضربه وأعطاه. وإن لم يتول شيئا من ذلك بنفسه، بل فعل بأمره، فأسند إليه لأمره به.
وقيل: معناه ما ينتظرون إلا أن يأتيهم جلائل آيات الله، غير أنه ذكر نفسه تفخيما للآيات، كما يقال: دخل الأمير البلد، ويراد بذلك جنده. وإنما ذكر الغمام ليكون أهول، فإن الأهوال تشبه بظلل الغمام، كما قال سبحانه: (وإذا غشيهم موج كالظلل). وقال الزجاج: معناه يؤتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب، كما قال: (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) أي: أتاهم بخذلانه إياهم. وهذه الأقوال متقاربة المعنى بل المعنى في الجميع واحد أي: هل ينتظرون إلا يوم القيامة، وهو استفهام يراد به النفي والإنكار أي: ما ينتظرون، كما يقال: هل يطالب بمثل هذا إلا متعنت أي: ما يطالب. ومثله في التنزيل (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك). وقد يقال أتى وجاء فيما لا يجوز عليه المجئ والذهاب، تقول: أتاني وعيد فلان، وجاءني كلام فلان، وأتاني حديثه، ولا يراد به الإتيان الحقيقي، قال:
أتاني، فلم أسرر به حين جاءني، * حديث بأعلى القبتين، عجيب