اللغة: الإضاعة: الإهلاك. ضاع الشئ يضيع ضياعا: إذا هلك. وأضاع وضيع بمعنى. ومنه الضيعة: للقرية. وأما قولهم كل رجل وضيعته فإن الضيعة هاهنا بمعنى الحرفة. هاجر: فاعل من الهجر، وهو ضد الوصل، يقال: هاجر القوم من دار إلى دار أي: تركوا الأولى للثانية. وتهجر الرجل أي: تشبه بالمهاجرين.
الاعراب: (من) في قوله (من ذكر أو أنثى): للتبيين والتفسير عن قوله (منكم) أي: لا أضيع عمل عامل منكم من الذكور والإناث، فهو بيان لجنس من أضيف إليه العمل. ويقال: إنها مؤكدة بمعنى النفي في لا أضيع أي: لا أضيع عمل ذكر وأنثى منكم. و (بعضكم): مبتدأ وقوله: (من بعض) في موضع رفع بأنه خبره. و (ثوابا): مصدر مؤكد لأن معنى (ولأدخلنهم جنات): ولأثيبنهم، ومثله قوله: (كتاب الله عليكم) لأن معنى قوله (حرمت عليكم أمهاتكم): كتب الله عليكم هذا. فكتاب الله مصدر مؤكد.
النزول: روي أن أم سلمة قالت: يا رسول الله! ما بال الرجال يذكرون في الهجرة دون النساء؟ فأنزل الله هذه الآية. قال البلخي: نزلت الآية وما قبلها في المتبعين للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، والمهاجرين معه. ثم هي في جميع من سلك سبلهم، وحذا حذوهم من المسلمين.
المعنى: ثم عقب سبحانه دعوة المؤمنين بذكر الإجابة فقال: (فاستجاب لهم ربهم) أي: أجاب المؤمنين الذين تقدم الخبر عنهم (أني لا أضيع) أي: بأني لا أبطل (عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) رجل أو امرأة (بعضكم من بعض) في النصرة والدين والموالاة، فحكمي في جميعكم حكم واحد، فلا أضيع عمل واحد منكم، لاتفاقكم في صفة الإيمان. وهذا يتضمن الحث على مواظبة الأدعية التي في الآيات المتقدمة، والإشارة إلى أنها مما تعبد الله تعالى بها، وندب إليها وذلك لأنه تضمن الإجابة لمن دعا بها.
(فالذين هاجروا) إلى المدينة، وفارقوا قومهم من أهل الكفر (وأخرجوا من ديارهم) أخرجهم المشركون من مكة (وأوذوا في سبيلي) أي: في طاعتي وعبادتي وديني، وذلك هو سبيل الله، فتحملوا الأذى لأجل الدين (وقاتلوا) في سبيل الله (وقتلوا) فيها (لأكفرن عنهم سيئاتهم) يعني لأمحونها، ولأتفضلن عليهم بعفوي