القراءة: قرأ ابن عامر وأبو جعفر والكسائي ويعقوب وأبو حاتم: (الرعب) بضمتين. والآخرون بتسكين العين. وقد تقدم القول في مثله.
اللغة: السلطان هنا معناه: الحجة والبرهان، وأصله القوة. فسلطان الملك قوته. والسلطان: البرهان لقوته على دفع الباطل. والتسليط على الشئ: التقوية على الشئ مع الإغراء به. والسلاطة: حدة اللسان مع شدة الصحب للقوة على ذلك مع إيثار فعله. والسليط: الزيت، لقوة استعماله بحدته. والإلقاء أصله في الأعيان، يدل عليه قوله: (وألقى الألواح)، (فألقوا حبالهم). واستعمل في غير عين اتساعا، إذ ليس الرعب. وكذلك قوله: (وألقيت عليك محبة مني) ومثل الإلقاء في ذلك الرمي، قال سبحانه (الذين يرمون أزواجهم) أي بالزنا. فهذا اتساع لأنه ليس بعين، وكذلك قوله:
رماني بأمر كنت منه، ووالدي * بريا، ومن حول الطوي رماني (1) والمثوى: المنزل، وأصله من الثواء: وهو طول الإقامة. وأم المثوى: ربة البيت. والثوي: الضيف لأنه مقيم مع القوم.
النزول: قال السدي: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون، يوم أحد، متوجهين إلى مكة، قالوا: بئس ما صنعنا! قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد، تركناهم، ارجعوا فاستأصلوهم. فلما عزموا على ذلك. ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به. وستأتي هذه القصة فيما بعد إن شاء الله، فنزلت الآية.
المعنى: ثم بين سبحانه أن من جملة نصرته للمؤمنين، إلقاؤه الرعب في قلوب المشركين فقال: (سنلقي) أي: سنقذف (في قلوب الذين كفروا الرعب) أي:
الخوف والفزع (بما أشركوا بالله) أي: بشركهم بالله، وقولهم عليه ما لا يجوز من الند والشريك (ما لم ينزل به سلطانا) أي: برهانا وحجة، يعني: لم يجعل لهم في ذلك حجة (ومأواهم) أي: مستقرهم (النار) يعذبون بها (وبئس مثوى الظالمين) معناه: وبئس مقام الظالمين النار. وروي أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين، مخافة أن يكون لرسول الله وأصحابه الكرة عليهم. وقال رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم ": " نصرت بالرعب مسيرة شهر ".