ولدا. وقوله: (وما كان لكم أن تنبتوا شجرها) معناه: ما كنتم لتنبتوا شجرها، لأن إنبات الشجر لا يدخل تحت قدرة البشر. ففي الآية إخبار بأن الموت لا يكون إلا بإذن الله. وهذا تسلية عما لحق النفوس بموت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " من جهة أنه بإذن الله، ومعناه: إنه إن مات فإنما يموت بإذن الله وعلمه كغيره من الناس، فلا عذر لأحد في ترك دينه بعد موته. وقيل: إن فيه حضا على الجهاد من حيث لا يموت أحد إلا بإذن الله أي: لا تتركوا الجهاد خشية القتل، فإن ذلك لا يؤخر أجلا قد حضر، ولا يقدم الجهاد أجلا لم يحضر، فلا معنى للانهزام وقوله (بإذن الله) يحتمل أمرين أحدهما:
بعلم الله والثاني: بأمر الله. وقال أبو علي الجبائي: فيه دلالة على أنه لا يقدر على الموت غير الله، كما لا يقدر على ضده من الحياة غير الله. ولو كان من مقدور غيره، لم يكن باذنه.
وقوله (كتابا مؤجلا) معناه: كتب الله لكل حي أجلا ووقتا لحياته، ووقتا لموته، لا يتقدم ولا يتأخر. وقيل: حتما موقتا، وحكما لازما مبرما. (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها) قيل في معناه أقوال أحدها: إن المراد من عمل للدنيا، لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة، عن ابن إسحاق أي: فلا يغتر بحاله في الدنيا وثانيها: من أراد بجهاده ثواب الدنيا، وهو النصيب من الغنيمة، نؤته منها. فبين أن حصول الدنيا للإنسان، ليس بموضع غبطة لأنها مبذولة للبر والفاجر، عن أبي علي الجبائي وثالثها: من تعرض لثواب الدنيا بعمل النوافل، مع مواقعة الكبائر، جوزي بها في الدنيا دون الآخرة، لإحباط عمله بفسقه. وهذا على مذهب من يقول بالإحباط.
(ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) أي: ومن يرد بالجهاد وأعماله ثواب الآخرة، نؤته منها، فلا ينبغي لأحد أن يطلب بطاعاته غير ثواب الله. ومثله قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) الآية. وقريب منها قول النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " من طلب الدنيا بعمل الآخرة فما له في الآخرة من نصيب " ومن في قوله (منها) يحتمل أن تكون زائدة، ويحتمل أن تكون للتبعيض، لأنه إنما يستحق الثواب على قدر العمل.
(وسنجزي الشاكرين) أي: نعطيهم جزاء الشكر. وفي تكراره قولان أحدهما: إنه للتأكيد وللتنبيه على عظم منزلة الشاكرين والثاني: إن معناه وسنجزي