تعرضوا للذكر. وقيل: ذكروا الله بأن قالوا: اللهم اغفر لنا ذنوبنا فانا تبنا نادمين عليها، مقلعين عنها. وقوله: (ومن يغفر الذنوب الا الله) من لطيف فضل الله تعالى، وبليغ كرمه، وجزيل منته، وهو الغاية في ترغيب العاصين في التوبة، وطلب المغفرة، والنهاية في تحسين الظن للمذنبين، وتقوية رجاء المجرمين. وهذا كما يقول السيد لعبده، وقد أذنب ذنبا: اعتذر إلي ومن يقبل عذرك سواي.
وإذا سئل: ان العباد قد يغفر بعضهم لبعض الإساءة؟ فالجواب: ان الذنوب التي يستحق عليها العقاب، لا يغفرها الا الله. وأيضا فإنه أراد سبحانه غفران الكبائر العظام، والإساءة من بعضنا على بعض صغيرة بالإضافة إليها (ولم يصروا على ما فعلوه) أي: لم يقيموا على المعصية، ولم يواظبوا عليها، ولم يلزموها. وقال الحسن: هو فعل الذنب من غير توبة، وهو قريب من الأول، وذلك لا يكفي، فان التوبة مجرد الاستغفار مع الاصرار، وذلك أن الاستغفار إنما يؤثر عند ترك الاصرار.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار) يعني لا تبقى الكبيرة كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا تبقى الصغيرة صغيرة مع الاصرار.
وفي تفسير ابن عباس: الاصرار السكون على الذنب بترك التوبة، والاستغفار منه. وقوله (وهم يعلمون) يحتمل وجوها أحدها: ان معناه وهم يعلمون الخطيئة ذاكرين لها، غير ساهين ولا ناسين، لأنه تعالى يغفر للعبد ما نسيه من ذنوبه، وإن لم يتب منه بعينه، عن الجبائي والسدي. وثانيها: ان معناه وهم يعلمون الحجة في أنها خطيئة، فإذا لم يعلموا، ولا طريق لهم إلى العلم به، كان الاثم موضوعا عنهم، كمن تزوج أمة من الرضاع والنسب، وهو لا يعلم به، فإذا لا يأثم. وهذا معنى قول ابن عباس والحسن. وثالثها: ان المراد وهم يعلمون أن الله يملك مغفرة ذنوبهم، عن الضحاك.
(أولئك): إشارة إلى من تقدم وصفهم من المتقين الذين ينفقون في السراء والضراء إلى آخر الكلام أي: هؤلاء (جزاؤهم) على أعمالهم وتوبتهم (مغفرة من ربهم) أي: ستر لذنوبهم (وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) قد مر تفسيرها في سورة البقرة (ونعم أجر العاملين) هذا يعني ما وصفه من الجنات، وأنواع الثواب، والمغفرة بستر الذنوب، حتى تصير كأنها لم تعمل في زوال العار