وجيها. (ويكلم): في موضع النصب أيضا على الحال، عطفا على (وجيها).
وجائز أن يعطف بلفظ يفعل على فاعل لمضارعة يفعل فاعلا قال الشاعر:
بات يغشيها بعصب باتر * يقصد في أسوقها وجائر (1) أي: قاصد أسوقها وجائر. (وكهلا): حال من (يكلم).
المعنى: (إذ قالت الملائكة) قال ابن عباس: يريد جبرائيل (يا مريم إن الله يبشرك) يخبرك بما يسرك (بكلمة منه) فيه قولان أحدهما: إنه المسيح سماه كلمة، عن ابن عباس وقتادة وجماعة من المفسرين. وإنما سمي بذلك لأنه كان بكلمة من الله من غير والد، وهو قوله: (كن فيكون) يدل عليه قوله: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه) الآية. وقيل: سمي بذلك لأن الله بشر به في الكتب السالفة، كما يقول الذي يخبرنا بالأمر إذا خرج موافقا لأمره: قد جاء كلامي. فمما جاء من البشارة به في التوراة: (أتانا الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران " وساعير: هو الموضع الذي بعث منه المسيح. وقيل: لأن الله يهدي به، كما يهدي بكلمته والقول الثاني: إن الكلمة بمعنى البشارة، كأنه قال ببشارة منه ولد (اسمه المسيح) فالأول أقوى، ويؤيده قوله: (إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه). وإنما ذكر الضمير في (اسمه) وهو عائد إلى الكلمة، لأنه واقع على مذكر، فذهب إلى المعنى. واختلف في أنه لم سمي بالمسيح فقيل: لأنه مسح بالبركة واليمن، عن الحسن وقتادة وسعيد. وقيل: لأنه مسح بالتطهير من الذنوب. وقيل: لأنه مسح بدهن زيت بورك فيه، وكانت الأنبياء تمسح به، عن الجبائي. وقيل: لأنه مسحه جبرائيل بجناحه وقت ولادته، ليكون عوذة من الشيطان. وقيل: لأنه كان يمسح رأس اليتامى لله. وقيل: لأنه كان يمسح عين الأعمى فيبصر، عن الكلبي. وقيل: لأنه كان لا يمسح ذا عاهة بيده إلا برئ، عن ابن عباس في رواية عطا والضحاك. وقال أبو عبيدة: هو بالسريانية (مشيحا) فعربته العرب.
(عيسى ابن مريم) نسبة إلى أمه ردا على النصارى قولهم إنه ابن الله (وجيها) ذا جاه وقدر، وشرف (في الدنيا والآخرة ومن المقربين) إلى ثواب الله وكرامته.