الأخرى، لكان قد فصل بين الفعل والفاعل بالمفعول، وذلك مكروه والثاني: ما قاله حسين بن علي المغربي: إن معناه أن تضل إحدى الشهادتين أي: تضيع بالنسيان، فتذكر إحدى المرأتين الأخرى، لئلا يتكرر لفظ إحداهما بلا معنى، ويؤيد ذلك أنه لا يسمى ناسي الشهادة ضالا، ويقال: ضلت الشهادة: إذا ضاعت، كما قال سبحانه: (قالوا ضلوا عنا) أي: ضاعوا منا.
ثم خاطب سبحانه الشهود فقال: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) وفي معناه ثلاثة أقوال أحدها: إن معناه ولا يمتنع الشهداء إذا دعوا لإقامة الشهادة، عن مجاهد وعطا وسعيد بن جبير. وهذا إذا كانوا عالمين بالشهادة على وجه لا يرتابون فيه، ولم يخافوا من أدائها ضررا. والثاني: إن معناه إذا دعوا لإثبات الشهادة وتحملها، عن قتادة والربيع والثالث: إن معناه إذا دعوا إلى إثبات الشهادة وإلى إقامتها، عن ابن عباس والحسن، وعن أبي عبد الله " عليه السلام " وهو أولى، لأنه أعم فائدة.
(ولا تسأموا) أي: ولا تضجروا، ولا تملوا (أن تكتبوا) أي: تكتبوا الحق (صغيرا) كان الحق (أو كبيرا). وقيل: إن هذا خطاب للشاهد، ومعناه: لا تملوا أن تكتبوا الشهادة على الحق (إلى أجله) أي: إلى أجل الدين. وقيل: معناه إلى أجل الشاهد أي: إلى الوقت الذي تجوز فيه الشهادة، والأول أقوى (ذلكم) الكتاب، أو كتابة الشهادة والصك. (أقسط) أي: أعدل (عند الله) لأنه سبحانه أمر به، واتباع أمره أعدل من تركه (وأقوم للشهادة) أي: أصوب للشهادة، وأبعد من الزيادة والنقصان، والسهو والغلط والنسيان. وقيل: معناه أحفظ للشهادة، مأخوذ من القيام على الشئ: بمعنى الحفظ. (وأدنى ألا ترتابوا) أي: أقرب إلى أن لا تشكوا في مبلغ الحق والأجل (إلا أن تكون تجارة) معناه: إلا أن تقع تجارة أي:
مداينة ومبايعة حاضرة حالة يدا بيد. ومن قرأ بالنصب فمعناه: إلا أن تكون التجارة تجارة (حاضرة تديرونها بينكم) أي: تتناقلونها من يد إلى يد، نقدا لا نسيئة.
(فليس عليكم جناح) أي: حرج وضيق (ألا تكتبوها) ومعناه: فليس عليكم إثم في ترك كتابتها، لأن الكتابة للوثيقة ولا يحتاج إلى الوثيقة إلا في النسيئة دون النقد (وأشهدوا إذا تبايعتم) أي: وأشهدوا الشهود على بيعكم إذا تبايعتم. وهذا أمر على الاستحباب والندب، عن الحسن وجميع الفقهاء. وقال أصحاب الظاهر: الإشهاد فرض في التبايع (ولا يضار كاتب ولا شهيد) أصله يضارر بكسر الراء الأولى، عن