وقد جهدني الصوم. فقال عمر: يا رسول الله! أعتذر إليك من مثله، رجعت إلى أهلي بعدما صليت العشاء، فاتيت امرأتي، وقام رجال واعترفوا بمثل الذي سمعوا.
فنزلت الآية، عن ابن عباس والسدي.
المعنى: ثم بين سبحانه وقت الصيام، وما يتعلق به من الأحكام، فقال:
(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) أي: الجماع. وقال ابن عباس: إن الله سبحانه حيي يكني بما شاء، إن الرفث واللباس والمباشرة والإفضاء هو الجماع.
وقال الزجاج: الرفث هو كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من المرأة، وهذا يقتضي تحريما متقدما أزيل عنهم. والمراد بليلة الصيام: الليلة التي يكون في غدها الصوم. وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله كراهية الجماع في أول ليلة من كل شهر، إلا أول ليلة من شهر رمضان، فإنه يستحب ذلك لمكان الآية. والأشبه أن يكون المراد به ليالي الشهر كله، وإنما وحده لأنه اسم جنس يدل على الكثرة.
(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) أي: هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن، كما قال (وجعلنا الليل لباسا) أي: سكنا، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.
والمعنى: تلابسونهن وتخالطونهن بالمساكنة أي: قل ما يصبر أحد الزوجين عن الآخر. وقيل: إنما جعل كل واحد منهما لباسا للآخر لانضمام جسد كل واحد منهما إلى جسد صاحبه حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه. فلما كانا يتلابسان عند الجماع سمي كل واحد منهما لباسا لصاحبه. وقال الربيع: هن فراش لكم، وأنتم لحاف لهن.
(علم الله انكم كنتم تختانون أنفسكم) لما حرم عليهم الجماع والأكل بعد النوم، وخالفوا في ذلك. ذكرهم الله بالنعمة في الرخصة التي نسخت تلك التحريمة، فقال: (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) بالمعصية أي. لا تؤدون الأمانة بالامتناع عن المباشرة. وقيل: معنى تختانون تنقصون أنفسكم من شهواتها، وتمنعونها من لذاتها باجتناب ما نهيتم عنه، فخففه الله عنكم (فتاب عليكم) أي:
قبل توبتكم. وقيل: معناه فرخص لكم، وأزال التشديد عنكم. (وعفا عنكم) فيه وجهان أحدهما: غفر ذنوبكم. والأخر: أزال تحريم ذلك عنكم، وذلك عفو عن تحريمه عليهم.
(فالآن باشروهن) بالليل أي جامعوهن، لفظه أمر ومعناه الإباحة. (وابتغوا