يكون ظرفا كأنه كتب عليكم الصيام في أيام، والعامل فيه الصيام، كأن المعنى كتب عليكم أن تصوموا أياما. وقال بعض النحويين: إنه مفعول ما لم يسم فاعله، نحو قولك: أعطي زيد المال، قال: وليس هذا بشئ، لأن الأيام هاهنا متعلقة بالصوم، وزيد والمال مفعولان لأعطي، ذلك أن تقيم أيهما شئت مقام الفاعل، وليس في هذا إلا نصب أيام بالصيام. قال أبو علي: (أياما) يجوز في انتصابه وجهان أحدهما:
أن ينتصب على الظرف، والآخر: أن ينتصب انتصاب المفعول به على السعة. فإذا انتصب على أنه ظرف جاز أن يكون العامل فيه كتب، فيكون التقدير كتب عليكم الصيام في أيام، وإن شئت اتسعت فنصبته نصب المفعول به فتقول على هذا يا مكتوب أيام عليه، أو يا كاتب أيام الصيام. وإنما جاز إضافة اسم الفاعل أو المفعول إلى أيام (1) لاخراجك إياه عن أن يكون ظرفا، واتساعك في تقديره اسما. وإذا كان الأمر على ما ذكرناه كان ما منعه أبو إسحاق من إجازة من أجاز أن كتب عليكم الصيام أياما، بمنزلة أعطي زيد المال، جائز غير ممتنع. قال: ولا يستقيم أن ينتصب أياما بالصيام على أن يكون المعنى كتب عليكم الصيام في أيام، لأن ذلك وإن كان مستقيما في المعنى، فهو في اللفظ ليس كذلك، ألا ترى أنك إذا حملته على ذلك، فصلت بين الصلة والموصول بأجنبي منهما، وذلك أن (أياما) تصير من صلة الصيام، وقد فصلت بينهما بمصدر (كتب) لأن التقدير كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على من كان قبلكم. فالكاف في (كما) متعلقة بكتب، وقد فصلت بها بين المصدر وصلته، وليس من واحد منهما.
وأقول: إنه يستقيم أن ينتصب أياما بالصيام إذا جعلت الكاف من قوله (كما كتب على الذين من قبلكم) في موضع نصب على الحال أي: مفروضا مثل ما فرض عليهم، فيكون (ما) موصولا، و (كتب) صلته. وفي (كتب) ضمير يعود إلى (ما) والموصول وصلته في موضع جر بإضافة الكاف إليه. والكاف (2) موضع النصب بأنه صفة للمحذوف الذي هو الحال من الصيام. فعلى هذا لم يفصل بين الصلة والموصول ما هو أجنبي منهما على ما ذكره الشيخ أبو علي.
وقوله: (فعدة من أيام أخر) تقديره فعليه عدة، فيكون ارتفاع عدة على