ممن له الشفاعة، لا يشفع إلا بعد أن يأذن الله له في ذلك، ويأمره به.
(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) قيل فيه وجوه أحدها: إن معناه يعلم ما بين أيديهم ما مضى من الدنيا، وما خلفهم من الآخرة، عن مجاهد والسدي. والثاني:
معناه يعلم الغيب الذي تقدمهم من قولك بين يديه أي: قدامه، وما مضى، فهو قدام الشئ، فيحمل عليه على التقدير، لا إن هذا اللفظ حقيقة في الماضي، وما خلفهم يعني الغيب الذي يأتي بعدهم، عن ابن جريج. والثالث: إن ما بين أيديهم عبارة عما لم يأت، كما يقال: رمضان بين أيدينا.
(وما خلفهم) عبارة عما مضى، كما يقال في شوال: قد خلفنا رمضان، عن الضحاك. (ولا يحيطون بشئ من علمه) معناه: من معلومه كما يقال: اللهم اغفر لنا علمك فينا أي: معلومك فينا. ويقال: إذا ظهرت آية هذه قدرة الله أي: مقدور الله، والإحاطة بالشئ علما، أن يعلمه كما هو على الحقيقة (إلا بما شاء) يعني:
ما شاء أن يعلمهم، ويطلعهم عليه.
(وسع كرسيه السماوات والأرض) اختلف فيه على أقوال أحدها: وسع علمه السماوات والأرض، عن ابن عباس ومجاهد، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله " عليه السلام ". ويقال للعلماء كراسي، كما يقال: أوتاد الأرض، لأن بهم قوام الدين والدنيا وثانيها: إن الكرسي ههنا هو العرش، عن الحسن. وإنما سمي كرسيا لتركيب بعضه على بعض. وثالثها: إن المراد بالكرسي ههنا: الملك والسلطان والقدرة، كما يقال: اجعل لهذا الحائط كرسيا أي: عمادا يعمد به، حتى لا يقع، ولا يميل، فيكون معناه: أحاط قدرته بالسماوات والأرض، وما فيهما ورابعها: إن الكرسي سرير دون العرش. وقد روي عن أبي عبد الله، وقريب منه ما روي عن عطاء، أنه قال: ما السماوات والأرض عند الكرسي، إلا كحلقة خاتم في فلاة، وما الكرسي عند العرش إلا كحلقة في فلاة. ومنهم من قال: إن السماوات والأرض جميعا على الكرسي، والكرسي تحت العرش كالعرش فوق السماء.
وروى الأصبغ بن نباتة أن عليا قال: إن السماوات والأرض وما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله، ملك منهم في صورة الآدميين، وهي أكرم الصور على الله، وهو يدعو الله، ويتضرع إليه، ويطلب الشفاعة والرزق للآدميين. والملك الثاني في صورة الثور، وهو سيد البهائم، يدعو