الضحاك ومقاتل. واحتجا بقوله عقيب الآية: (وقاتلوا في سبيل الله). وقيل: هم قوم حزقيل، وهو ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى، وذلك أن القيم بأمر بني إسرائيل بعد موسى، كان يوشع بن نون، ثم كالب بن يوقنا، ثم حزقيل. وقد كان يقال له ابن العجوز، وذلك أن أمه كانت عجوزا، فسألت الله الولد، وقد كبرت وعقمت، فوهبه الله لها. وقال الحسن: هو ذو الكفل، وإنما سمي حزقيل ذا الكفل، لأنه كفل سبعين نبيا، نجاهم من القتل، وقال لهم: اذهبوا فإني إن قتلت كان خيرا من أن تقتلوا جميعا. فلما جاء اليهود وسألوا حزقيل عن الأنبياء السبعين، فقال: إنهم ذهبوا ولا أدري أين هم، ومنع الله ذا الكفل منهم.
(وهم ألوف): أجمع أهل التفسير على أن المراد بألوف هنا كثرة العدد، إلا ابن زيد فإنه قال معناه: خرجوا مؤتلفي القلوب لم يخرجوا عن تباغض، فجعله جمع آلف مثل: قاعد وقعود، وشاهد وشهود. واختلف من قال المراد به العدد الكثير، فقيل: كانوا ثلاثة آلاف، عن عطاء الخراساني. وقيل: ثمانية آلاف، عن مقاتل والكلبي. وقيل: عشرة آلاف، عن ابن روق. وقيل: بضعة وثلاثين ألفا، عن السدي. وقيل: أربعين ألفا، عن ابن عباس وابن جريج. وقيل: سبعين ألفا، عن عطا بن أبي رباح. وقيل: كانوا عددا كثيرا، عن الضحاك.
والذي يقضي به الظاهر أنهم كانوا أكثر من عشرة آلاف، لأن بناء فعول للكثرة، وهو ما زاد على العشرة، وما نقص عنها يقال فيه عشرة آلاف، ولا يقال عشرة ألوف (حذر الموت) أي: من خوف الموت (فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) قيل في معناه قولان أحدهما: إن معناه أماتهم الله كما يقال قالت السماء فهطلت معناه: فهطلت السماء، وقلت برأسي كذا، وقلت بيدي كذا ومعناه: أشرت برأسي وبيدي، وذلك لما كان القول في الأكثر استفتاحا للفعل، كالقول الذي هو تسمية وما جرى مجراه مما كان يستفتح به الفعل صار معنى قالت السماء فهطلت أي: استفتحت بالهطلان كذلك معناه ها هنا فاستفتح الله بإماتتهم والثاني: إن معناه أماتهم بقول سمعته الملائكة لضرب من العبرة، ثم أحياهم الله بدعاء نبيهم حزقيل، عن ابن عباس. وقيل: إنه شمعون من أنبياء بني إسرائيل.
(إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) لما ذكر النعمة عليهم بما أراهم من الآية العظيمة في أنفسهم، ليلتزموا سبيل الهدى، ويجتنبوا طريق