يتبركون به. فلما حضر موسى الوفاة، وضع فيه الألواح، ودرعه، وما كان عنده من آثار النبوة، وأودعه عند وصيه يوشع بن نون. فلم يزل التابوت بينهم، وبنو إسرائيل في عز وشرف ما دام فيهم، حتى استخفوا به، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات.
فلما عملوا المعاصي، واستخفوا به، رفعه الله عنهم. فلما سألوا نبيهم أن يبعث إليهم ملكا، بعث الله لهم طالوت، ورد عليهم التابوت. وقيل: كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة، غلبوهم عليه لما مرج أمر بني إسرائيل، وحدث فيهم الأحداث، ثم انتزعه الله من أيديهم، ورده على بني إسرائيل، تحمله الملائكة عن ابن العباس ووهب، وروي ذلك عن أبي عبد الله " عليه السلام ". وقيل: كان التابوت الذي أنزله الله على آدم فيه صور الأنبياء، فتوارثه أولاد آدم، وكان في بني إسرائيل يستفتحون به على عدوهم. وقال قتادة: وكان في برية التيه، خلفه هناك يوشع بن نون، فحملته الملائكة إلى بني إسرائيل. وقيل: كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين، عليه صفائح الذهب، وكان من شمشار، وكانوا يقدمونه في الحروب، ويجعلونه أمام جندهم، فإذا سمع من جوفه أنين زف التابوت أي: سار، وكان الناس يسيرون خلفه، فإذا سكن الأنين وقف فوقف الناس بوقوفه.
(فيه سكينة من ربكم) قيل: في التابوت نفسه. وقيل: فيما في التابوت.
واختلف في السكينة فقيل: إن السكينة التي كانت فيه، ريح هفافة من الجنة، لها وجه كوجه الانسان، عن علي " عليه السلام ". وقيل: كان له جناحان، ورأس كرأس الهرة من الزبرجد والزمرد، عن مجاهد، وروي ذلك في أخبارنا. وقيل: كان فيه آية يسكنون إليها، عن عطا. وقيل: روح من الله يكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف، عن وهب.
(وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) قيل: إنها عصا موسى، ورضاض الألواح، عن ابن عباس وقتادة والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر الصادق.
وقيل: هي التوراة، وشئ من ثياب موسى، عن الحسن. وقيل: كان فيه أيضا لوحان من التوراة وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم، ونعلا موسى، وعمامة هارون وعصاه. هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقية.
والظاهر أن السكينة أمنة وطمأنينة جعلها الله فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل، والبقية