السين تصعدها. فكره التصعد عن التسفل، فأبدل من السين حرفا في مخرجها في تصعد الطاء فتلاءم الحرفان، وصار كل واحد منهما وفق صاحبه في التصعد، فزال في الإبدال ما كان يكره من التصد عن التسفل. ولو كان اجتماع الحرفين على عكس ما ذكرناه، وهو أن يكون التصعد قبل التسفل، لم يكره ذلك، ولم يبدلوا.
ألا ترى أنهم قالوا: طسم الطريق، وقسوت، وقست، فلم يكرهوا التسفل عن تصعد، كما كرهوا بسط حتى قالوا بصط، فأبدلوا. فأما من لم يبدل السين في بسط، وترك السين، فلأنه الأصل، ولأن ما بين الحرفين من الخلاف يسير، فاحتمل الخلاف لقلته.
اللغة: القرض هو قطع جزء من المال بالإعطاء، على أن يرد بعينه، أو يرد مثله بدلا منه. وأصل القرض: القطع بالناب يقال: قرض الشئ يقرض: إذا قطعه بنابه. وأقرض فلان فلانا: إذا أعطاه ما يتجازاه منه. والاسم منه القرض.
والتضعيف والمضاعفة والإضعاف بمعنى وهو الزيادة على أصل الشئ، حتى يصير مثلين أو أكثر. تقول: ضعفت القوم أضعفهم ضعفا: إذا كثرتهم فصرت مع أصحابك على الضعف منهم. وضعف الشئ: مثله في المقدار، إذا زيد عليه، فكل واحد منهما ضعف. وضعف الشئ ضعفا وضعفا، والضعف: خلاف القوة، والقبض: خلاف البسط، يقال: قبضه يقبضه قبضا. والقبض: ضم الكف على الشئ. والتقبض: التشنج. وتقبض عنه: إذا اشمأز عنه، لأنه ضم نفسه عن الانبساط إليه. وقبض الانسان: إذا مات. والملك: قابض الأرواح. وبسط يبسط بسطا. والبساط والبساط بفتح الباء: الأرض الواسعة. وكتب يبسط بالسين، وبصطة بالصاد، لأن القلب على الساكن أقوى منه على المتحرك.
المعنى: لما حث سبحانه على الجهاد، وذلك يكون بالنفس والمال، وعقبه بالتلطف في الاستدعاء إلى أعمال البر، والإنفاق في سبيل الخير، فقال: (من ذا الذي يقرض الله) أي: ينفق في سبيل الله وطاعته. والمراد به الأمر، وليس هذا بقرض حاجة على ما ظنه اليهود، فقال: إنما يستقرض منا ربنا عن عوز، فإنما هو فقير (1) ونحن أغنياء، بل سمى تعالى الانفاق قرضا تلطفا للدعاء إلى فعله، وتأكيدا للجزاء عليه، فإن القرض يوجب الجزاء (قرضا حسنا) والقرض الحسن أن ينفق من