الردى، ذكر بعده ما له عليهم من الانعام والإحسان، مع ما هم عليه من الكفران.
وهذه الآية حجة على من أنكر عذاب القبر والرجعة معا، لأن إحياء أولئك مثل إحياء هؤلاء الذين أحياهم الله للاعتبار.
القصة: قيل إن اسم القرية التي خرجوا منها هربا من وبائها داوردان قبل واسط. قال الكلبي، والضحاك ومقاتل: إن ملكا من ملوك بني إسرائيل، أمرهم أن يخرجوا إلى قتال عدوهم فخرجوا فعسكروا. ثم جبنوا وكرهوا الموت، فاعتلوا وقالوا: إن الأرض التي نأتيها بها الوباء، فلا نأتيها حتى ينقطع منها الوباء! فأرسل الله عليهم الموت، فلما رأوا أن الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فرارا من الموت. فلما رأى الملك ذلك قال: اللهم رب يعقوب، وإله موسى، قد ترى معصية عبادك، فأرهم آية من أنفسهم، حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك!
فأماتهم الله جميعا، وأمات دوابهم، وأتى عليهم ثمانية أيام حتى انتفخت وأروحت أجسادهم. فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم فحظروا عليهم حظيرة دون السباع وتركوهم فيها.
قالوا: وأتى على ذلك مدة حتى بليت أجسادهم، وعريت عظامهم، وتقطعت أوصالهم، فمر عليهم حزقيل، وجعل يتفكر فيهم متعجبا منهم. فأوحى (1) إليه: يا حزقيل! تريد أن أريك آية، وأريك كيف أحيي الموتى؟ قال: نعم. فأحياهم الله.
وقيل: إنهم كانوا قوم حزقيل، فأحياهم الله بعد ثمانية أيام، وذلك أنه لما أصابهم ذلك، خرج حزقيل في طلبهم، فوجدهم موتى، فبكى ثم قال: يا رب! كنت في قوم يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك، فبقيت وحيدا لا قوم لي؟ فأوحى الله إليه:
قد جعلت حياتهم إليك. فقال حزقيل: أحيوا بإذن الله. فعاشوا.
وسأل حمران بن أعين أبا جعفر الباقر " عليه السلام " عن هؤلاء القوم الذين قال لهم الله موتوا ثم أحياهم فقال: أحياهم حتى نظر الناس إليهم، ثم أماتهم، أم ردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور، وأكلوا الطعام؟ قال: لا بل ردهم الله حتى سكنوا الدور، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء، ومكثوا بذلك ما شاء الله، ثم ماتوا بآجالهم.
(وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم [244]).