بسم الله الرحمن الرحيم وبه العون: نسخة سجل العهد كتبه محمد بن عبد الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كافة النصارى: هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلى كافة الناس أجمعين بشيرا ونذيرا، ومؤتمنا على وديعة الله في خلقه، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وكان الله عزيزا حكيما، كتبه لأهل ملته، ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وعجميها، معروفها ومجهولها، كتابا جعله لهم عهدا، ومن نكث العهد الذي فيه، وخالفه إلى غيره، وتعدى ما أمره، كان لعهد الله ناكثا، ولميثاقه ناقضا، وبدينه مستهزئا، وللعنة مستوجبا، سلطانا كان أم غيره من المسلمين المؤمنين، وإن احتمى راهب أو سائح في جبل أو واد أو مغارة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة، فأنا أكون من ورائهم ذاب (ذابا؟) عنهم، من كل عدة لهم: بنفسي وأعواني وأهل ملتي واتباعي، كأنهم رعيتي وأهل ذمتي، وأن أعزل عنهم الأذى في المؤن التي تحمل أهل العهد من القيام بالخراج إلا ما طابت به نفوسهم، وليس عليهم جبر ولا إكراه على شئ من ذلك ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا حبيس من صومعته، ولا سائح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم، ولا يدخل شئ من مال كنائسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين، فمن فعل شيئا من ذلك فقد نكث عهد الله، وخالف رسوله، ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزية ولا غرامة، وأنا أحفظ ذمتهم، أينما كانوا: من بر أو بحر، في المشرق والمغرب، والشمال والجنوب، وهم في ذمتي وميثاقي وأماني من كل مكروه، وكذلك من ينفرد بالعبادة في الجبال والمواضيع المباركة، لا يلزمهم ما يزرعوه، لا خراج ولا عشر، ولا يشاطرونه لكونه برسم أفواههم ويعانوا عند إدراك الغلة باطلاق قدح
(٧٥٨)