البلدة الذي حرمها) * النمل: 91 بدعاء إبراهيم (عليه السلام).
قال العلامة الطباطبائي (رحمه الله): " وقد حكى الله سبحانه نظير الدعاء على اختصار فيه عن إبراهيم (عليه السلام) في موضع آخر بقوله: * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) * البقرة: 126 ومن الممكن أن يستفاد من اختلاف المحكيين في التعبير أعني قوله: " اجعل هذا بلدا آمنا " وقوله:
" هذا البلد آمنا " أنهما دعاء ان دعا (عليه السلام) بهما في زمانين مختلفين (1). وأنه بعد ما أسكن إسماعيل وأمه أرض مكة ورجع إلى أرض فلسطين ثم عاد إليهما وجد من إقبال جرهم إلى مجاورتهما مكانا ما سر بذلك، فدعا عند ذلك مسيرا إلى مكانهم: * (رب اجعل هذا بلدا آمنا) * فسأل ربه أن يجعل المكان بلدا ولم يكن به، وأن يرزق أهله المؤمنين من الثمرات، ثم لما عاد إليهم بعد ذلك بزمان وجد المكان بلدا، فسأل ربه أن يجعل البلد آمنا.
ومما يؤكد كونهما دعاءين ما فيهما من الاختلاف من غير هذه الجهة، ففي آية البقرة الدعاء لأهل البلد بالرزق من الثمرات، وفي الآية المبحوث عنها الدعاء بذلك لذريته خاصة مع أمور أخرى دعا بها لهم، وعلى هذا يكون هذا الدعاء المحكي عن إبراهيم (عليه السلام) في هذه الآيات آخر ما أورده الله تعالى في كتابه من كلام إبراهيم (عليه السلام) ودعائه، وقد دعا به بعد ما أسكن إسماعيل وأمه بها وجاورتهما قبيلة جرهم وبنى البيت الحرام، وبنيت بلدة مكة بأيدي القاطنين هناك كما تدل عليه فقرات الآيات... والمراد بالأمن الذي سأله (عليه السلام) الأمن التشريعي دون التكويني - كما تقدم في تفسير آية البقرة - فهو يسأل ربه أن يشرع لأرض مكة حكم الحرمة والأمن... " (راجع الميزان 12: 68 و 69).