ومما يدل على تعظيمها للعلم: أن الحسن بن علي (عليهما السلام) كان يحضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ابن سبع أو ست أو أقل - وقتئذ - فيسمع ويحفظ ما يلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيأتي أمه فيلقي إليها ما حفظه من كلام جده الطاهر صلوات الله عليه وآله، فكلما دخل عليها علي وجد عندها علما بما قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيسألها عن ذلك فتقول: ألقاه ولدك الحسن (عليه السلام)، فتخفى علي (عليه السلام) يوما في الدار، فدخل الحسن (عليه السلام) وأراد أن يلقيها إليها كعادته فارتج، فعجبت أمه من ذلك فقال: لا تعجبن يا أماه، فإن كبيرا، يسمعني واستماعه قد أوقفني، فخرج علي (عليه السلام) فقبله (راجع سفينة البحار 1: 254 في " حسن " والبحار 10 في باب علم الحسن (عليه السلام) وفي ط جديد 43: 338 عن المناقب لابن شهرآشوب 4: 7 عن أبي السعادات في الفضائل وحياة الحسن للقرشي 1: 33.
ويدل على ذلك أيضا ما روي عن تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) قال:
حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقالت: إن لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في أمر صلاتها شئ، وقد بعثتني إليك أسألك، فأجابتها فاطمة (عليها السلام) عن ذلك، فثنت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشق عليك يا ابنة رسول الله، قالت: فاطمة هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من اكترى يوما، يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، وكراه مائة ألف دينار، يثقل عليه؟ فقالت: لا فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا، فأحرى أن لا يثقل علي سمعت أبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون، فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم، وجدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور... وقالت فاطمة (عليها السلام): يا أمة الله إن سلكة من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، وما فضل فإنه مشوب بالتنغيص والكدر (البحار 1 باب ثواب الهداية والتعليم وط جديد 2: 3).