الدباء فعال بالضم: القرع وحكي القصر الواحدة دباءة وفيه نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير، ثم فسر الدباء بالقرع، والمزفت بالدنان، والحنتم بالجر الخضر والنقير بخشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى تصير لها أجواف ينبذون فيها، لأنهم كانوا ينبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب (راجع مجمع البحرين في " دبا " و " حنتم " و " زفت " والنهاية في " نقر " و " حنتهم " و " زفت ".
أقول: الذي تحصل بعد الغور في وفودهم أمور:
الأول: تعدد الوفود كما ذكره الزرقاني، ولكن النصوص توحي إلى أن وافد عبد القيس " منقذ بن حبان " كان يتجر إلى المدينة فأمره الأشج بالتحقيق عن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) فلاقاه على تفصيل مر وكتب النبي (صلى الله عليه وآله) معه إلى عبد القيس.
وفي الطبقات: أن الأشج بعث عمرو بن عبد قيس ابن أخته إلى مكة فأسلم ورجع، فأسلم منذر ووفد، وظاهره كون وفود المنذر قبل الهجرة (وراجع الإصابة في ترجمة صحار وذكر 3: 577 في ترجمة نوح بن مخلد: أنه أتى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو بمكة فسأله ممن أنت..) (1).
فيكون ما مر شاهدا على وفدتين: واحدة بمكة أو بالمدينة للتحقيق وأخرى بعده وهم مسلمون واستشهد بعض (بخلو هذا الحديث عن ذكر الحج إلا ما نقله أحمد) بكون أحدهما قبل وجوب الحج وثانيهما بعد وجوبه (أي: السنة السادسة وبعدها) وذلك ليس صحيحا، لأن الحديث صدر عنه (صلى الله عليه وآله) مرة واحدة، فلم يذكر الراوي الحج في بعض النصوص، كما لم يذكر الصيام في بعضها الآخر.