موجبا لفوات المنفعة وإن لم يكن ضررا عليه. لان منع المالك عن الانتفاع بملكه أيضا مخالف للامتنان فلا يكون مشمولا لحديث (لا ضرر) فلا يمكن التمسك بحديث (لا ضرر) في المقام أصلا بل لابد من الرجوع إلى غيره.
فإن كان هناك عموم أو اطلاق دل على جواز تصرف المالك في ملكه حتى في مثل المقام يؤخذ به ويحكم بجواز التصرف، وإلا فيرجع إلى الأصل العملي وهو في المقام أصالة البراءة عن الحرمة فيحكم بجواز التصرف.
ثم قال (وبما ذكرناه ظهر الحكم فيما إذا كان التصرف في مال الغير موجبا للضرر على الغير وتركه موجبا للضرر على المتصرف، فيجرى فيه الكلام السابق من عدم جواز الرجوع إلى حديث (لا ضرر)، لكونه واردا مورد الامتنان فيرجع إلى عموم أدلة حرمة التصرف في مال الغير كقوله عليه السلام (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه) وغيره من أدلة حرمة التصرف في مال الغير ويحكم بحرمة التصرف.
ويرد عليه:
أولا: إن المسلم إنما هو ملاحظة جهة الامتنان في هذا الحديث في الجملة - ولو على نحو الحكمة - لا على نحو العلة حتى يكون مخصصا له بصورة الامتنان، فإنه ليس في شئ من أدلتها ما يدل على ذلك أو ما يمنع عن الاخذ بالاطلاق. وقضية سمرة بن جندب إنما تدل على إن النبي صلى الله عليه وآله كان بصدد تمييز الحقوق وإيصال ذي الحق إلى حقه بالصرامة التي تقتضيها مرحلة القضاء أو التنفيذ.
وثانيا: إن البيان المذكور يقتضي قصور (لا ضرر) عن شمول كل من حرمة الاضرار وجوازه، ونتيجة ذلك إنه لا يصلح للحكومة على (لا ضرار) فيبقى (لا ضرار) بلا حاكم عليه كما ذكرناه أولا، ومعه لا وجه للرجوع إلى ما دل على جواز التصرف في ماله لو فرض شموله للمقام، لان الجواز هنا