وسيجئ توضيح هذا القسم في التقسيم الثاني.
2 - أن يكون محتواه اعتبارا حقيقيا متأصلا. وقد يمثل لذلك بحكومة الامارات على الأحكام التي أخذ العلم أو عدمه حدا لها كالأصول العملية وذلك على القول بأن مفاد أدلة حجية الامارات - كخبر الثقة أو الخبر الموثوق به - هو تتميم كشفها باعتبارها علما. وذلك ليس على سبيل التنزيل والاعتبار الأدبي ليكون تقدمها على الأصول العملية ونحوها على نحو الحكومة التنزيلية، وإنما على سبيل الاعتبار المتأصل بملاحظة أن للعلم عند العقلاء قسمين: قسما تكوينيا وقسما اعتباريا وقد أمضى الشارع - بما إنه رئيس العقلاء - العلم الاعتباري العقلائي.
فعلى هذا الرأي إذا فسرنا عدم العلم المأخوذ في موضوع جريان الأصل مثلا ك (رفع ما لا يعلمون) بعدم العلم التكويني وقامت أمارة كخبر الثقة على الحرمة فإن هذه الحالة تخرج عن حدود الأصل بنحو الحكومة، لان العقلاء يرون أنفسهم عالمين علما قانونيا فلا يجدون أنفسهم مشمولين ب (رفع ما لا يعلمون) رغم تفسير العلم بالعلم التكويني.
ولا يمكن اعتبار ذلك من قبيل الورود لتوقف الورود على انتفاء الموضوع في الدليل الأول وجدانا بمؤونة من التعبد، وعدم العلم التكويني الموضوع في دليل الأصل حسب الفرض لا ينتفي وجدانا بوجود علم اعتباري (نعم) لو كان موضوع الأصل عدم العلم الجامع بين العلم التكويني والعلم الاعتباري، لكان تقدم الامارة عليه بنحو الورود لانتفاء الموضوع حينئذ حقيقة بمعونة الاعتبار.
ويلاحظ: إن هذا النوع من الحكومة تترتب عليه آثار التضييق والتوسعة معا فإنه يوجب تضييق الدليل المحكوم بحسب المراد التفهيمي، إن كان موضوعه كالأصل عدم الماهية، وتوسعته إن كان موضوعه وجود