4 - وأما تاج العروس للزبيدي: فالظاهر إنه أخذ ما ذكره من النهاية إما مباشرة أو بتوسط لسان العرب أو الدر النثير، فإنها جميعا من مصادره كما يظهر من مقدمة كتابه، وقد اعتمد عليه محقق النهاية في تحقيق نصها - كما ذكره في مقدمتها - وعبارته في المقام عين عبارة النهاية.
مضافا إلى إن كلامه قد لا يدل على جزمه بذلك فإنه لم يتضمن إلا نقل هذا التفسير حيث قال (والاسم الضرر فعل واحد والضرار فعل الاثنين وبه فسر الحديث (لا ضرر ولا ضرار) أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه ولا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه، وقيل هما بمعنى وتكرارهما للتأكيد).
5 - وأما مجمع البحرين: فهو أيضا ذكر عين عبارة النهاية في المقام وقد صرح في المقدمة بإنها من مصادره.
وبذلك يتضح:
أولا: إن ذكر هذا الرأي في كلمات هؤلاء لم يكن عن التزام به من قبلهم جميعا، بل كان ذكر أكثرهم لذلك على سبيل النقل - ولو احتمالا - كما في المصادر الأربعة الأولى، وذلك إن أكثر الكتب اللغوية شأنها تجميع.
الكلمات والأقوال كالجوامع الحديثية، ولذا كانوا يذكرون الاسناد إليها في العهد الأول.
وثانيا: إن أصل هذا التفسير ينتهي إلى كلامين تقدم ذكرهما في أول هذا الفصل أحدهما للأزهري في تهذيب اللغة، والثاني للهروي في الغريبين، وسائر المتأخرين عنهما إنما ذكروا نص هذين الكلامين أو أحدهما - ولو ملخصا - من دون تصرف زائد في ذلك.
وعلى ضوء ذلك يظهر إن ما ذكر من نسبة فهم هذا المعنى إلى مهرة اللغة لا يخلو عن نظر وتأمل.