ليس ماهية اعتبارية ذات آثار وضعية حتى يرجع نفيها إلى فصلها عن آثارها ويندرج في الموضع الثاني، ولا هو حصة من موضوع ذي حكم شرعي. أو متعلق للوجوب أو للحرمة حتى يراد نفي الحكم المترتب على الطبيعي فيندرج في أحد المواضع المتوسطة الباقية، فلا محالة يدور الامر فيه بين احتمالين:
أ - أن يكون ماهية مرغوبا إليها لانسجامها مع القوى الشهوية أو الغضبية - من قبيل الموضع الأول - فيكون مفاد نفيه حينئذ التسبيب إلى عدم تحققه بتحريمه والمنع عن إيجاده خارجا، فيصح حمل النفي في الحديث حينئذ على النهي كما هو مؤدى بعض المسالك في المقام.
ب - أن يكون ماهية مرغوبا عنها، لكن النفي لرفع توهم تسبيب الشارع إليه بإلزامه به بما يوجب الضيق والضرر للمكلف، فيندرج في المورد السادس وبكون مفاد نفيه نفي التسبيب إلى الضرر، بجعل حكم ضرري نظير (لا حرج) كما نسب إلى المشهور.
2 - الثاني: إن هذين الاحتمالين يتفرعان على كون معنى هيئة (الضرر) معنى مصدريا محتويا للنسبة الصدورية إلى الفاعل - أي الضار - كالاضرار والضرار، أو معنى اسم مصدري خال عن هذه النسبة كالضيق والحرج والمنقصة.
فعلى الأول: يمثل الضرر كالاضرار طبيعة موافقة للقوى النفسية للانسان - كالغضب والحقد وحب الايذاء ونحوها - التي يلجأ إليها الانسان كثيرا إرضاء لنفسه. وحينئذ يكون مفاد لا ضرر تحريمه وتشريع ما يمنعه خارجا.
وعلى الثاني: يكون الضرر بمعنى المنقصة الواردة على المتضرر، وهو أمر لا يتحمله الانسان بطبعه بل هو مكروه له أشد الكراهة، وإنما يتحمله