واحتواء الصيغة لهذا المحتوى لم يكن لمجرد خصوصية الصيغة إذ هي لا تدل إلا على البعث أو الزجر اللزومي، وهذا المقدار ينحفظ في ظل محتويات أخرى من قبيل الارشاد ونحوه مما يأتي، وإنما تعين مدلول الوعيد بدلالة الاقتضاء بعد أن امتنع فرض محتوى آخر للصيغة لعدم وجود مبادئه في الجهات المكتنفة بها.
وتوضيح ذلك: إن مدلول الصيغة - من البعث أو الزجر - لا معنى لاعتباره بما هو هو مجردا عن أي معنى أو اعتبار آخر، لأنه لا يكون بذلك مثار أثر خارجا أو عقلاء، فلا بد له من محتوى مسانخ له كامن فيما وراء اللفظ يكون سببا للأثر العقلائي، وما يكون محتوى للكلام على قسمين:
أ - ما يتوقف على مبادئ مسبقة غير موجودة ولا قابلة للاعتبار في متعلق الصيغة (ومثال ذلك) رفع توهم الحكم السابق - كما يراد ذلك في الامر بعد توهم الحظر - فإنه يتوقف على فرض توهم خارجي للحظر. ومنه الارشاد إلى عدم ترتب الأثر المطلوب على الشئ حيث يكون للشئ أثر اعتباري بطبيعته، وهذا يتوقف على فرض أثر اعتباري ثابت للشئ مسبقا، إلى غير ذلك من المحتويات الآتية.
ب - ما يكون أمرا اعتباريا لا بد من جعله من قبل الشارع وهو الوعيد على الترك المقوم للوجوب أو الوعيد على الفعل المقوم للحرمة.
وعلى هذا فحيث لم يتواجد في هذا الموضع شئ من العوامل النفسية وغيرها مما يندرج في القسم الأول ليتفاعل معه المعنى حسب الفرض، فيتعين كون المحتوى هو القسم الثاني تصحيحا لاعتبار البعث والزجر من الحكيم.
وعلى هذا الأساس يستفاد الحكم المولوي من البعث والزجر.
وبذلك يتضح إنه لا يتجه ما اشتهر في كلمات الأصوليين من إن