كون الضرر بمعنى الضيق إذ لا معنى لجعل الشئ غاية لنفسه فتدبر.
الثالث: أن يجعل المعنى الأصلي (النقص) وهذا هو الصحيح لأنه.
أنسب للتدرج في توسعة دائرة مفهوم اللفظ من الأمور المحسوسة إلى غيرها، وأقدر على استيعاب الموارد المختلفة التي استعملت فيها هذه المادة من دون عناية وتنزيل.
والمقصود بالنقص نقص الشئ عما ينبغي أن يكون عليه سواءا كان النقص في الكم المتصل كما في مورد ضيق المكان، أم في الكم المنفصل كما في نقص النقود وما ماثلها من أقسام العروض، أم في الكيف كما في سوء الحال بالمرض، أم في العين كما في المركبات الخارجية كنقص العضو، أم في مورد الاعتبار القانوني كعدم مراعاة حق من حقوق الآخرين كما في قضية سمرة حيث لم يراع حق الأنصاري في أن يعيش حرا في بيته بدخوله عليه من غير استيذان.
هذا وقد يفصل في المقام فيقال: إن معنى المادة في المجرد وفي باب الافعال أي في لفظ الضرر والاضرار وتصاريفهما، هو النقص في الأموال والأنفس - كما هي أيضا مورد مقابله أي النفع - فلا يطلق الضرر والاضرار في موارد التضييق على الشخص وإحراجه بسلب حقه وإيذائه ونحو ذلك كما يشهد به العرف، وأما في باب المفاعلة كالضرار والمضارة فهو عكس ذلك، فإنه يستعمل في التضييق على الشخص وإيقاعه في الحرج والمشقة دون النقص، كما يظهر ذلك بملاحظة الموارد التي استعمل فيها هذا الباب في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، كما في قوله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله