معنى المادة وحدوده.
وكيف كان فلا إشكال في أن فئة المعاني الخاصة المتقدمة خارجة عما يحتمل أن يكون معنى لمادة (ض رر)، ولكن المعاني الثلاثة العامة وهي النقص والضيق وسوء الحال هل هي جميعا معاني لمادة تطلق عليها بالاشتراك اللفظي أو إن للمادة معنى واحدا فقط، وإن المذكورات مرشحات لتمثيل هذا المعنى العام؟!
ربما يستظهر الوجه الأول من كلمات كثير من اللغويين، ولكن الصحيح هو الوجه الثاني، لان المنساق من هذه المادة على اختلاف مشتقاتها وفى مختلف موارد استعمالها ليس إلا معنى عاما واحدا، لا يختلف باختلاف الموارد فينبغي طرح المعاني الثلاثة المتقدمة كاقتراحات في تعيين هذا المعنى العام الوحداني فههنا عدة اقتراحات:
الأول: أن يجعل المعنى الأصلي، (سوء الحال) ويرجع المعنيان الآخران إليه، وهذا هو الذي اختاره الراغب في مفرداته قال (الضر سوء الحال إما في نفسه كقلة العلم والفضل والفقه وإما في بدنه لعدم جارحة ونقص، أو في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه).
والملاحظ عليه إن سوء الحال من المفاهيم المعنوية المحضة - بخلاف الضيق والنقص فإنهما من المعافي المحسوسة، وفرض الأمور المعنوية المحضة معنى أصيلا للفظ يخالف طبيعة اللغة، فإن أصول اللغة معاني محسوسة وإنما ارتبطت الألفاظ بالمفاهيم غير المحسوسة - متأصلة كانت أو اعتبارية - بالتطور في المفاهيم الأصلية المحسوسة، ولذلك قلنا في محله في الأصول إن الاعتبارات المتأصلة كالاعتبارات القانوية مثل الملكية والزوجية متأخرة في حدوثها عن الاعتبارات الأدبية كالاستعارات والمجازات، كما إن الاعتبارات الأدبية متأخرة عن المعاني الحسية، فالمعاني الحسية هي بمثابة رأس المال