الهائعة هي الصوت الشديد. وقد استدل بالحديث من قال: إنه يغسل الشهيد إذا كان جنبا، وبه قال أبو حنيفة والمنصور بالله. وقال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد وإليه ذهب الهادي والقسم والمؤيد بالله وأبو طالب أنه لا يغسل لعموم الدليل وهو الحق، لأنه لو كان واجبا علينا ما اكتفى فيه بغسل الملائكة، وفعلهم ليس من تكليفنا ولا أمرنا بالاقتداء بهم.
وعن أبي سلام عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأه وأصاب نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخوكم يا معشر المسلمين، فابتدر الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله أشهيد هو؟ قال: نعم وأنا له شهيد رواه أبو داود.
الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده سلام بن أبي سلام وهو مجهول. وقال أبو داود بعد إخراجه عن سلام المذكور: إنما هو عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام انتهى. وزيد ثقة. قوله: فلفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثيابه ودمائه ظاهره أنه لم يغسله ولا أمر بغسله، فيكون من أدلة القائلين بأن الشهيد لا يغسل كما تقدم، وهو يدل على أن من قتل نفسه في المعركة خطأ، حكمه حكم من قتله غيره في ترك الغسل، وأما من قتل نفسه عمدا فإنه لا يغسل عند العترة والأوزاعي لفسقه لا لكونه شهيدا.
قوله: وصلى عليه فيه إثبات الصلاة على الشهيد، وسيأتي الكلام على ذلك. قوله:
قال نعم الخ فيه أن من قتل نفسه خطأ شهيد، وقد أخرج مسلم والنسائي وأبو داود عن سلمة بن الأكوع قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا فارتد عليه سيفه فقتله فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك وشكوا فيه رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مات جاهدا مجاهدا وفي رواية: كذبوا مات جاهدا مجاهدا فله أجره مرتين. هذا لفظ أبي داود.
باب صفة الغسل عن أم عطية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم