الله عليه وآله وسلم لم يصل على قتلى أحد، قال: وما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح، وقد كان ينبغي لمن عار ض بذلك هذه الأحاديث أن يستحي على نفسه اه. وأجيب أيضا بأن تلك الحالة الضيقة لا تتسع لسبعين صلاة، وبأنها مضطربة، وبأن الأصل عدم الصلاة، ولا يخفى عليك أنها رويت من طرق يشد بعضها بعضا، وضيق تلك الحالة لا يمنع من إيقاع الصلاة، فإنها لو ضاقت عن الصلاة لكان ضيقها عن الدفن أولى، ودعوى الاضطراب غير قادحة، لأن جميع الطرق قد أثبتت الصلاة وهي محل النزاع، ودعوى أن الأصل عدم الصلاة مسلمة قبل ورود الشرع، وأما بعد وروده فالأصل الصلاة على مطلق الميت والتخصيص ممنوع، وأيضا أحاديث الصلاة قد شد من عضدها كونها مثبتة، والاثبات مقدم على النفي، وهذا مرجح معتبر، والقدح في اعتباره في المقام يبعد غفلة الصحابة عن إيقاع الصلاة على أولئك الشهداء معارض بمثله، وهو بعد غفلة الصحابة عن الترك الواقع على خلاف ما كان ثابتا عنه صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة على الأموات، فكيف يرجح ناقلة وهو أقل عددا من نقله الاثبات الذي هو مظنة الغفول عنه لكونه واقعا على مقتضى عادته صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة على مطلق الميت، ومن مرجحات الاثبات الخاصة بهذا المقام أنه لم يرو النفي إلا أنس وجابر، وأنس عند تلك الواقعة من صغار الصبيان، وجابر قد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى على حمزة وكذلك أنس كما تقدم، فقد وافقا غيرهما في وقوع مطلق الصلاة على الشهيد في تلك الواقعة، ويبعد كل البعد أن يخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصلاته حمزة لمزية القرابة ويدع بقية الشهداء، ومع هذا فلو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل عليهم حال الواقعة وتركنا جميع هذه المرجحات لكانت صلاته عليهم بعد ذلك مفيدة للمطلوب لأنها كالاستدراك لما فات مع اشتمالها على فائدة أخرى، وهي أن الصلاة على الشهيد لا ينبغي أن تترك بحال، وإن طالت المدة وتراخت إلى غاية بعيدة. وأما حديث أبي سلام فلم أقف للمانعين من الصلاة على جواب عليه، وهو أدلة المثبتين لأنه قتل في المعركة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسماه شهيدا وصلى عليه، نعم لو كان النفي علما غير مقيد بوقعة أحد، ولم يرد في الاثبات غير هذا الحديث لكان مختصا بمن قتل على مثل صفته. واعلم أنه قد اختلف في الشهيد الذي وقع الخلاف في غسله
(٨١)