واهية. ولابن عباس حديث آخر متفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام قياما طويلا من سورة البقرة وقد تقدم، وهو يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يجهر قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة، ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة ولروايته الأخرى، والزهري قد انفرد بالجهر، وهو وإن كان حافظا فالعدد أولى بالحفظ من واحد، قاله البيهقي. قال الحافظ: وفيه نظر لأنه مثبت وروايته مقدمة، وجمع بين حديث سمرة وعائشة بأن سمرة كان في أخريات الناس، فلهذا لم يسمع صوته، ولكن قول ابن عباس: كنت إلى جنبه يدفع ذلك. وجمع النووي: بأن رواية الجهر في القمر ورواية الاسرار في كسوف الشمس، وهو مردود بالرواية التي ذكرها المصنف في حديث عائشة منسوبة إلى أحمد، وبما أخرجه ابن حبان من حديثها بلفظ:
كسفت الشمس والصواب أن يقال: إن كانت صلاة الكسوف لم تقع منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا مرة واحدة كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ، فالمصير إلى الترجيح متعين، وحديث عائشة أرجح لكونه في الصحيحين، ولكونه متضمنا للزيادة، ولكونه مثبتا، ولكونه معتضدا بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن علي مرفوعا من إثبات الجهر، وإن صح أن صلاة الكسوف وقعت أكثر من مرة كما ذهب إليه البعض، فالمتعين الجمع بين الأحاديث بتعدد الواقعة فلا معارضة بينها، إلا أن الجهر أولى من الاسرار لأنه زيادة، وقد ذهب إلى ذلك أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية، وبه قال صاحبا أبي حنيفة وابن العربي من المالكية. وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس، ويجهر في خسوف القمر، وإلى مثل ذلك ذهب الامام يحيى وقال الطبري: يخير بين الجهر والاسرار. وإلى مثل ذلك ذهب الهادي ورواه في البحر عن مالك، وهو خلاف ما حكاه غيره عنه. واعلم أنه لم يرد تعيين ما قرأ به صلى الله عليه وآله وسلم إلا في حديث لعائشة، أخرجه الدارقطني والبيهقي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قرأ في الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بالروم أو لقمان، وقد ثبت الفصل بالقراءة بين كل ركوعين كما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه،