(أحدهما) تقبل لأنهما يثبتان المال للمريض وان مات انتقل إليهما عنه فأشبهت الشهادة للصحيح بخلاف الجناية فإنها إذا صارت نفسا وجبت الدية لهما بها (والوجه الثاني) لا تقبل لأنه متي ثبت المال للمريض تعلق حق ورثته به ولهذا لا ينفذ تبرعه فيه فيما زاد على الثلث وان شهد للمجروح بالجرح من لا يرثه لكونه محجوبا كالأخوين يشهدان لأخيهما وله ابن سمعت شهادتهما فإن مات ابنه نظرت فإن كان الحاكم حكم بشهادتهما لم ينقض حكمه لأن ما يطرأ بعد الحكم بالشهادة لا يؤثر فيها كالفسق وإن كان ذلك قبل الحكم بالشهادة لم يحكم بها لأنهما صارا مستحقين فلا يحكم بشهادتهما كما لو فسق الشاهدان قبل الحكم بشهادتهما وان شهد على رجل بالجراح الموجبة للدية على العاقلة فشهد بعض عاقلة المشهود عليه بجرح الشهود لم تقبل شهادته وإن كان فقيرا لأنه قد يكون ذا مال وقت العقل فيكون دافعا عن نفسه وإن كان الجرح مما لا تحمله العاقلة كجراحة العمد أو العبد سمعت شهادة العاقلة بجرح الشهود لأنهما لا يدفعان عن أنفسهما ضررا فإن موجب هذه الجراحة القصاص أو المال في ذمة الجاني وكذلك إن كان الشاهدان يشهدان على اقراره بالجراح لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف وان كانت شهادتهما بجراح عقله دون ثلث الدية خطأ نظرنا فإن كانت شهادة العاقلة بجرح الشهود قبل الاندمال لم تقبل لأنها ربما ضارت نفسا فتحملها العاقلة وان كانت بعده قبلت لأنها لا تحمل ما دون الثلث وإن كان الشاهدان بالجرح ليسا من العاقلة في الحال وإنما يصيران من العاقلة التي تتحمل ان لو مات من هو أقرب مهما قبلت شهادتهما ذكره القاضي لأنهما ليسا من العاقلة وإنما يصيران منها بموت القريب والظاهر حياته وفارق الفقير إذا شهد لأن الغنى ليست عليه أمارة فإن المال غاد ورائح ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله على نحو ما ذكرنا ويحتمل أن يسوى بين المسلمين لأن كل واحد منهما ليس من العاقلة في الحال وإنما يصير منها بحدوث أمر لم يتفق الآن سببه فهما سواء واحتمال غنى الفقير كاحتمال موت الحي بل الموت أقرب فإنه لابد منه وكل حي ميت وكل نفس ذائقة الموت وليس كل فقير
(٤٦)