ولم يوجب إلا كفارة واحدة ودية، والدية لا تتعدد فكذلك الكفارة ولأنها كفارة قتل فلم تتعدد بتعدد القاتلين مع اتحاد المقتول ككفارة الصيد الحرمي ولنا انها لا تتبعض وهي من موجب قتل الآدمي فكملت في حق كل واحد من المشتركين كالقصاص وتخالف كفارة الصيد فإنها تجب بدلا ولهذا تجب في أبعاضه وكذلك الدية (فصل) إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا فعليه الكفارة وبه قال الحسن وعطاء والزهري والنخعي والحكم وحماد ومالك والشافعي وإسحاق وقال أبو حنيفة لا تجب وقد مضت هذه المسألة في دية الجنين (فصل) والمشهور في المذهب أنه لا كفارة في قتل العمد وبه قال الثوري ومالك وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي، وعن أحمد رواية أخرى تجب فيه الكفارة وحكي ذلك عن الزهري وهو قول الشافعي لما روى واثلة بن الأسقع قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا قد أوجب بالقتل فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار) ولأنها إذا وجبت في قتل الخطأ ففي العمد أولى لأنه أعظم إثما وأكبر جرما وحاجته إلى تكفير ذنبه أعظم ولنا مفهوم قوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) ثم ذكر قتل العمد ولم يوجب فيه كفارة وجعل جزاءه جهنم فمفهومه أنه لا كفارة فيه وروي أن سويد بن الصامت قتل رجلا فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القود ولم يوجب كفارة، وعمرو بن أمية الضمري قتل رجلين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوجب كفارة، ولأنه فعل يوجب القتل فلا يوجب كفارة كزنا المحصن، وحديث واثلة يحتمل أنه كان خطأ وسماه موجبا أي فوت النفس بالقتل، ويحتمل أنه كان شبه عمد ويحتمل أنه أمرهم بالاعتاق تبرعا ولذلك أمر غير القاتل بالاعتاق، وما ذكروه من المعنى لا يصح لأنها وجبت في الخطأ فتمحو إثمه لكونه لا يخلو من تفريط فلا يلزم من ذلك إيجابها في موضع عظم الاثم فيه بحيث لا يرتفع بها، إذا ثبت هذا فلا فرق بين العمد الموجب للقصاص ومالا قصاص فيه كقتل الوالد ولده والسيد عبده والحر العبد والمسلم الكافر لأن هذا من أنواع العمد.
(٤٠)