ولنا أن ابن مسعود ذفف على أبي جهل فلم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم سلبه وأمر بقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث صبرا ولم يعط سلبهما قتلهما، وقتل بني قريظة صبرا فلم يعط من قتلهم اسلابهم وإنما أعطى السلب من قتل مبارزا أو كفى المسلمين شره وغرر في قتله والمنهزم بعد انقضاء الحرب قد كفى المسلمين شر نفسه ولم يغرر قاتله بنفسه في قتله فلم يستحق سلبه كالأسير. وأما الذي قتله سلمة فكان متحيزا إلى فئة وكذلك من قتل حال قيام الحرب فإنه إن كا منهزما فهو متحيز إلى فئة وراجع إلى القتال فأشبه الكار فإن القتل فر وكر. إذا ثبت هذا فإنه لا يشترط في استحقاق السلب أن تكون المبارزة باذن الأمير لأن كل من قضي له بالسلب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيهم من نقل إلينا انه اذن له في المبارزة مع أن عموم الخبر يقتضي استحقاق السلب لكل قاتل إلا من خصه الدليل (الفصل الخامس) أن السلب لا يخمس روي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وبه قال الشافعي وابن المنذر وابن جرير وقال ابن عباس يخمس وبه قال الأوزاعي ومكحول لعموم قوله تعالى (واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه) وقال إسحاق إن استكثر الإمام السلب خمسه وذلك إليه لما روى ابن سيرين أن البراء بن مالك بارز مرزبان الزارة بالبحرين فطعنه فدق صلبه وأخذ سواريه وسلبه فلما صلى عمر الظهر أتى أبا طلحة
(٤٢٥)