ووجه الأول أن الله تعالى خص بها المساكين، والمكاتبون صنف آخر لم يجز الدفع إليهم كالغزاة المؤلفة ولان الكفارة قدرت بقوت يوم لكل مسكين وصرفت إلى من يحتاج إليها للاقتيات، والمكاتب لا يأخذ لذلك فلا يكون في معنى المسكين، ويفارق لزكاة فإن الأغنياء يأخذون منها وهم الغزاة والعاملون عليها والمؤلفة والغارمون، ولأنه غني بكسبه أو بسيده فأشبه العامل، ولا خلاف بينهم في أنه لا يجوز دفعها إلى عبد لأن نفقته واجبة على سيده وليس هو من أصناف الزكاة، ولا إلى أم ولد لأنها أمة نفقتها على سيدها وكسبها له، ولا إلى من تلزمه نفقته وقد ذكرنا ذلك في الزكاة، وفي دفعها إلى الزوج وجهان بناء على دفع الزكاة إليه ولا يجوز دفعها إلى كافر وبهذا قال الشافعي وخرج أبو الخطاب وجها في إعطائهم بناء على الرواية في إعتاقهم وهو قول أبي ثور وأصحاب الرأي لأن الله تعالى قال (فاطعام عشرة مساكين) وأطلق فيدخلون في الاطلاق ولنا أنه كافر فلم يجز الدفع إليه كمساكين أهل الحرب وقد سلمه أصحاب الرأي والآية مخصوصة بأهل الحرب فقيس عليهم سائر الكفار، ويجوز صرفها إلى الصغير والكبير إن كان ممن يأكل الطعام وإذا أراد صرفه إلى الصغير فإنه يدفعه إلى وليه يقبض له فإن الصغير لا يصح منه القبض، فأما من لا يأكل الطعام فظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز الدفع إليه لأنه لا يأكله فيكون بمنزلة دفع القيمة. وقال أبو الخطاب يجزئ لأنه مسكين يدفع إليه من الزكاة فأشبه الكبير، وإذا قلنا يجوز الدفع إلى المكاتب جاز للسيد الدفع من كفارته إلى مكاتبه لأنه يجوز أن يدفع إليه من زكاته (فصل) ويجوز دفع الكفارة إلى من ظاهره الفقر فإن بان غنيا فهل تجزئه؟ فيه وجهان بناء على الروايتين في الزكاة، وإن بان كافرا أو عبدا لم يجزئه وجها واحدا
(٦١١)