وفارق الهريسة فإنها تتلف على قرب ولا يمكن الانتفاع بها في غير الاكل في تلك الحال بخلاف مسئلتنا وعن أحمد في إخراج الخبز روايتان (إحداهما) يجزي اختارها الخرقي ونص عليه أحمد في رواية الأثرم فإنه قال قلت لأبي عبد الله رجل أخذ ثلاثة عشر رطلا وثلثا دقيقا وهو كفارة اليمين فخبزه للمساكين وقسم الخبز على عشرة مساكين أيجزئه ذلك؟ قال ذلك أعجب إلي وهو الذي جاء فيه الحديث أن يطعمهم مدبر وهذا ان فعل فأرجو أن يجزئه قلت إنما قال الله (فاطعام عشرة مساكين) فهذا قد أطعم عشرة مساكين وأوفاهم المد، قال أرجو أن يجزئه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، ونقل الأثرم في موضع آخر ان احمد سأله رجل عن الكفارة قال أطعمهم خبزا وتمرا قال ليس فيه تمر قال فخبز؟ قال لا ولكن برا أو دقيقا بالوزن رطل وثلث لكل مسكين، فظاهر هذا انه لا يجزئه وهو مذهب الشافعي لأنه خرج عن حالة الكمال والادخار فأشبه الهريسة، والأول أحسن لأن الله تعالى قال (فاطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) وهذا من أوسط ما يطعم أهله وليس الادخار مقصودا في الكفارة فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه فيدل ذلك على أن المقصود كفايته في يومه وهذا قد هيأه للاكل المعتاد للاقتيات وكفاهم مؤنته فأشبه ما لو نقى الحنطة وغسلها وأما الهريسة والكبولا ونحوهما فلا يجزئ لأنهما خرجا عن الاقتيات المعتاد إلى حيز الادام، وأما السويق فالصحيح انه لا يجزئ لذلك، ويحتمل أن يجزئ لأنه يقتات في بعض البلدان ولا يجزئه من الخنز والسويق أقل من شئ يعمل من مد فإن اخذ مد حنطه أو رطلا وثلثا من الدقيق وصنعه خبزا أجزأه، وقال الخرقي يجزئه رطلان
(٦٠٩)