فقالا: ولكنا تركنا ابن عباس وأبا هريرة عند عائشة فسلهم ثم ارجع إلينا فأخبرنا فسألهم فقال أبو هريرة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وقال ابن عباس هي ثلاث وذكر عن عائشة متابعتهما وروي النجاد باسناده أن عمر رضي الله عنه جعل البتة واحدة ثم جعلها بعد ثلاث تطليقات، وهذه أقوال علماء الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعا، ولأنه طلق امرأته بلفظ يقتضي البينونة فوجب الحكم بطلاق تحصل به البينونة كما لو طلق ثلاثا أو نوى الثلاث واقتضاؤه للبينونة ظاهر في قوله أنت بائن وكذا في قوله البتة لأن البت القطع فكأنه قطع النكاح كله ولذلك يعبر به عن الطلاق الثلاث كما قالت امرأة رفاعة ان رفاعة طلقني فبت طلاقي وبتله هو من القطع أيضا ولذلك قيل في مريم البتول لانقطاعها عن النكاح ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التبتل وهو الانقطاع عن النكاح بالكلية، وكذلك الخلية والبرية يقتضيان الخلو من النكاح والبراءة منه وإذا كان للفظ معنى فاعتبره الشرع إنما يعتبر فيما يقتضيه ويؤدي معناه ولا سبيل إلى البينونة بدون الثلاث فوقعت ضرورة الوفاء بما يقتضيه لفظه ولا يمكن إيقاع واحدة بائن لأنه لا يقدر علي ذلك بصريح الطلاق فكذلك بكنايته ولم يفرقوا بين المدخول بها وغيرها لأن الصحابة لم يفرقوا، ولان كل لفظة أوجبت الثلاث في المدخول بها أوجبتها في غيرها كقوله أنت طالق ثلاثا فأما حديث ركانة فإن أحمد ضعف إسناده فلذلك تركه، وأما قوله عليه السلام لابنة الجون (الحقي بأهلك) فيدل على أن هذه اللفظة لا تقتضي الثلاث وليست من اللفظات التي قال الصحابة فيها بالثلاث ولا هي مثلها فيقتصر الحكم عليها، وقولهم ان الكناية بالنية كالصريح قلنا نعم إلا أن
(٢٧٣)