(فصل) ولو أصدق الكتابية تعليم سورة من القرآن لم يجز ولها مهر المثل وقال الشافعي يصح لقوله تعالى (حتى يسمع كلام الله) ولنا أن الجنب يمنع قراءة القرآن مع ايمانه واعتقاده انه حق فالكافر أولى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم) فالتحفظ أولى أن يمنع منه، فأما الآية التي احتجوا بها فلا حجة لهم فيها فإن السماع غير الحفظ، وان أصدقها أو أصدق المسلمة تعليم شئ من التوراة والإنجيل لم يصح في المذهبين لأنه مبدل مغير، ولو أصدق الكتابي الكتابية شيئا من ذلك كان كما لو أصدقها محرما (الفصل الثاني) ان الصداق ما اتفقوا عليه ورضوا به لقول الله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (العلائق ما تراضى عليه الأهلون) ولأنه عقد معاوضة فيعتبر رضا المتعاقدين كسائر عقود المعاوضات فإن كان الولي الأب فمهما اتفق هو والزوج عليه جاز أن يكون صداقا قليلا كان أو كثيرا بكرا كانت أو ثيبا صغيرة كانت أو كبيرة على ما أسلفناه فيما مضى ولذلك زوج شعيب عليه السلام موسى عليه السلام ابنته وجعلا الصداق إجارة ثماني حجج من غير مراجعة الزوجة، وإن كان الولي غير الأب اعتبر رضا المرأة والزوج لأن الصداق لها وهو عوض منفعتها فأشبه أجر دارها وصداق أمتها فإن لم يستأذنها الولي في الصداق فحكمه حكم الوكيل المطلق في البيع ان جعل الصدق مهر المثل فما زاد صح ولزم وان نقص عنه فلها مهر أمثل
(١٢)