(فصل) فإن دعاه رجلان ولم يمكن الجمع بينهما وسبق أحدهما أجاب السابق لأن اجابته وجبت حين دعاه فلم يزل الوجوب بدعاء الثاني ولم تجب إجابة الثاني لأنها غير ممكنة مع إجابة الأول، فإن استويا أجاب أقربهما منه بابا لما روى أبو داود باسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق) وروى البخاري باسناده عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ان لي جارين فإلى أيهما أهدي قال (أقربهما منك بابا) ولان هذا من أبواب البر فقدم بهذه المعاني فإن استويا أجاب أقربهما رحما لما فيه من صلة الرحم فإن استويا أجاب أدينهما فإن استويا أقرع بينهما لأن القرعة تعين المستحق عند استواء الحقوق * (مسألة) * قال (فإن لم يجب ان يطعم دعا وانصرف) وجملة ذلك أن الواجب الإجابة إلى الدعوة لأنها الذي أمر به وتوعد على تركه أما الاكل فغير واجب صائما كان أو مفطرا نص عليه أحمد لكن إن كان المدعو صائما صوما واجبا أجاب ولم يفطر لأن الفطر غير جائز فإن الصوم واجب والاكل غير واجب، وقد روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليدع وإن كان مفطرا فليطعم) رواه أبو داود وفي رواية فليصل يعني يدعو ودعي ابن عمر إلى وليمة فحضر ومد يده وقال بسم الله ثم قبض يده وقال كلوا فاني صائم، وإن كان صوما تطوعا استحب له الاكل لأن له الخروج من الصوم فإذا كان في الاكل إجابة أخيه المسلم وادخال السرور على قلبه كان أولى وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في دعوة ومعه جماعة
(١٠٨)