على غاربك وأنت بائن وأشباه ذلك أنه يقع في حال الغضب وجواب سؤال الطلاق من غير نية وما كثر استعماله لغير ذلك نحو اذهبي واخرجي وروحي وتقنعي لا يقع الطلاق به الا بنية ومذهب أبي حنيفة قريب من هذا وكلام احمد والخرقي في الوقوع إنما ورد في قوله أنت حرة وهو مما لا يستعمله الانسان في حق زوجته غالبا الا كناية عن الطلاق ولا يلزم من الاكتفاء بذلك بمجرد الغضب وقوع غيره من غير نية لأن ما كثر استعماله يوجد كثيرا غير مراد به الطلاق في حال الرضاء فكذلك في حال الغضب إذ لا حجر عليه في استعماله والتكلم به بخلاف ما لم تجر العادة بذكره فإنه لما قل استعماله في غير الطلاق كان مجرد ذكره يظن منه إرادة الطلاق فإذا انضم إلى ذلك مجيئه عقيب سؤال الطلاق أو في حال الغضب قوي الظن فصار ظنا غالبا، ووجه الرواية الأخرى أن دلالة الحال تغير حكم الأقوال والافعال فإن قال لرجل يا عفيف ابن العفيف حال تعظيمه كان مدحا له، وإن قاله في حال شتمه وتنقصه كان قذفا وذما، ولو قال إنه لا يغدر بذمة ولا يظلم حبة خردل وما أحد أوفى ذمة منه في حال المدح كان مدحا بليغا كما قال حسان:
فما حلمت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمد ولو قاله في حال الذم كان هجاء قبيحا كقول النجاشي:
قبيلة لا يغدرون بذمة * ولا يظلمون الناس حبة خردل وقال آخر كأن ربي لم يخلق لخشيته * سواهم من جميع الناس انسانا