واحتج الشافعي بما روى أبو داود باسناده ان ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال والله ما أردت الا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله ما أردت الا واحدة؟) فقال ركانة الله ما أردت الا واحدة فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلقها الثانية في زمن عمر والثالثة في زمن عثمان، قال علي بن محمد الطنافسي ما أشرف هذا الحديث، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنة الجون (الحقي بأهلك) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليطلق ثلاثا وقد نهى عن ذلك، ولان الكنايات مع النية كالصريح فلم يقع به عند الاطلاق أكثر من واحدة كقوله أنت طالق وقال الثوري وأصحاب الرأي ان نوى ثلاثا فثلاث وان نوى اثنتين أو واحدة وقعت واحدة ولا يقع اثنتين لأن الكناية تقتضي البينونة دون العدد والبينونة بينونتان صغرى وكبرى فالصغرى بالواحدة والكبرى بالثلاث ولو أوقعنا اثنتين كان موجبه العدد وهي لا تقتضيه وقال ربيعة ومالك: يقع بها الثلاث وان لم إلا في خلع أو قبل الدخول فإنها تطلق واحدة لأنها تقتضي البينونة والبينولة تحصل في الخلع وقبل الدخول بواحدة فلم يزد عليها لأن اللفظ لا يقتضي زيادة عليها وفي غيرهما يقع الثلاث ضرورة ان البينونة لا تحصل الا بها ووجه انها ثلاث انه قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فروي عن علي وابن عمر وزيد بن ثابت انها ثلاث، قال أحمد في الخلية والبريئة والبتة قول علي وابن عمر قول صحيح ثلاثا وقال علي والحسن والزهري في البائن انها ثلاث. وروي النجاد باسناده عن نافع أن رجلا جاء إلى عاصم وابن الزبير فقال إن ظئري هذا طلق امرأته البتة قبل أن يدخل بها فهل تجدان له رخصة؟
(٢٧٢)