فكان رسول الله صلى الله عيله وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة متفق عليه، ويجوز ذلك في جميع الزمان وفي بعضه فإن سودة وهبت يومها في جميع زمانها، وروى ابن ماجة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على صفية بنت حيي في شئ فقالت صفية لعائشة هل لك ترضي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك يومي؟ فأخذت خمارا مصبوغا بزعفران فرشته ليفوح ريحه ثم اختمرت به وقعدت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إليك يا عائشة انه ليس يومك) قال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فأخبرته بالامر فرضي عنها. فإذا ثبت هذا فإن وهبت ليلتها لجميع ضرائرها صار القسم بينهن كما لو طلق الواهبة، وان وهبتها للزوج فله جعلها لمن شاء لأنه لا ضرر على الباقيات في ذلك إن شاء جعله للجميع وان شاء خص بها واحدة منهن، وإن شاء جعل لبعضهن فيها أكثر من بعض وان وهبتها لواحدة منهن كفعل سودة جاز، ثم إن كانت تلك الليلة تلي ليلة الموهوبة والى بينهما، وان كانت لا تليها لم يجز له الموالاة بينهما إلا برضاء الباقيات، ويجعلها لها في الوقت الذي كان للواهبة لأن الموهوبة قامت مقام الواهبة في ليلتها فلم يجز تغييرها عن موضعها كما لو كانت باقية للواهبة، ولان في ذلك تأخير حق غيرها وتغييرا لليلتها بغير رضاها فلم يجز. وكذلك الحكم إذا وهبتها للزوج فآثر بها امرأة منهن بعينها. وفيه وجه آخر انه يجوز الموالاة بين الليلتين لعدم الفائدة في التفريق. والأول أصح وقد ذكرنا فيه فائدة فلا يجوز اطراحها. ومتى رجعت الواهبة في ليلتها فلها ذلك في المستقبل لأنها هبة
(١٥٣)