لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصيام قالت امرأته يا رسول الله انه شيخ كبير ما به من صيام، قال (فليطعم ستين مسكينا)، ولما أمر سلمة بن صخر بالصيام قال (وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام؟) قال (فأطعم) فنقله إلى الاطعام لما أخبره أن به من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام وقسنا على هذين ما يشبههما في معناهما، ويجوز أن ينتقل إلى الاطعام إذا عجز عن الصيام للمرض وإن كان مرجو الزوال لدخوله في قوله سبحانه وتعالى (فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) ولأنه لا يعلم أن له نهاية فأشبه الشبق ولا يجوز أن ينتقل لأجل السفر لأن السفر لا يعجزه عن الصيام، وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله الاختيارية، والواجب في الاطعام اطعام ستين مسكينا لا يجزئه أقل من ذلك وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لو أطعم مسكينا واحدا في ستين يوما أجزاه، وحكاه القاضي أبو الحسين رواية عن أحمد، لأن هذا المسكين لم يستوف قوت يومه من هذه الكفارة، فجاز أن يعطى منها كاليوم الأول.
ولنا قول الله تعالى (فاطعام ستين مسكينا) وهذا لم يطعم إلا واحدا فلم يمتثل الامر ولأنه لم يطعم ستين مسكينا، فلم يجزئه كما لو دفعها إليه في يوم واحد ولأنه لو جاز الدفع إليه في أيام لجاز في يوم