له سيده في التكفير بما شاء من العتق والاطعام فإن له التكفير بالاطعام لأن من لا يلزمه الاعتاق مع قدرته على الصيام لا يلزمه مع عجزه عنه كالحر المعسر، ولان عليه ضررا في التزام المنة الكبيرة في قبول الرقبة ولا يلزم مثل ذلك في الطعام لقلة المنة فيه، وهذا فيما إذا أذن له سيده في التكفير قبل العود فإن عاد وجبت الكفارة في ذمته ثم أذن له سيده في التكفير انبنى مع ذلك على أصل آخر وهو أن التكفير هل هو معتبر بحالة الوجوب أو بأغلظ الأحوال؟ وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال فإذا صام لا يجزئه إلا شهران متتابعان لدخوله في عموم قوله تعالى (فصيام شهرين متتابعين) ولأنه صوم في كفارة فاستوى فيه الحر والعبد ككفارة اليمين، وبهذا قال الحسن والشعبي والنخعي والزهري والشافعي وإسحاق ولا نعلم لهم مخالفا إلا ما روي عن عطاء انه لو صام شهرا أجزأه وقال النخعي ثم رجع عنه إلى قول الجماعة (فصل) والاعتبار في الكفارة بحالة الوجوب في أظهر الروايتين وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه قال إذا حنث وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه الصوم لا يجزئه غيره وكذلك قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسئل عن عبد حلف على يمين فحنث فيها وهو عبد فلم يكفر حتى عتق أيكفر كفارة حر أو كفارة عبد؟
قال يكفر كفارة عبد لأنه إنما يكفر ما وجب عليه يوم حنث لا يوم حلف، قلت له حلف وهو عبد وحنث وهو حر قال يوم حنث واحتج فقال افترى وهو عبد أي ثم أعتق فإنما يجلد جلد العبد وهو أحد أقوال الشافعي، فعلى هذه الرواية يعتبر يساره وإعساره حال وجوبها عليه فإن كان موسرا حال الوجوب استقر وجوب الرقبة عليه فلم يسقط باعساره بعد ذلك، وإن كان معسرا ففرضه الصوم فإذا أيسر بعد ذلك لم يلزمه الانتقال إلى الرقبة