(فصل) فأما لفظة الاطلاق فليست صريحة في الطلاق لأنها لم يثبت لها عرف الشرع ولا الاستعمال فأشبهت سائر كناياته، وذكر القاضي فيها احتمالا أنها صريحة لأنه لا فرق بين فعلت وأفعلت نحو عظمته وأعظمته وكرمته وأكرمته وليس هذا الذي ذكره بمطرد فإنهم يقولون حييته من التحية وأحييته من الحياة وأصدقت المرأة صداقا وصدقت حديثها تصديقا ويفرقون بين أقبل وقبل وأدبر ودبر وأبصر وبصر ويفرقون بين المعاني المختلفة بحركة أو حرف فيقولون حمل لما في البطن وبالكسر لما على الظهر والوقر بالفتح الثقل في الاذن وبالكسر لثقل الحمل، وههنا فرق بين حل قيد النكاح وبين غيره بالتضعيف في أحدهما والهمزة في الآخر، ولو كان معنى اللفظين واحدا لقيل طلقت الأسيرين والفرس والطائر فهو طالق وطلقت الدابة فهي طالق ومطلقة ولم يسمع هذا في كلامهم وهذا مذهب الشافعي (فصل) فإن قال أنت الطلاق فقال القاضي لا تختلف الرواية عن أحمد في أن الطلاق يقع به نواه أو لم ينوه وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ولأصحاب الشافعي فيه وجهان (أحدهما) أنه غير صريح لأنه مصدر والأعيان لا توصف بالمصادر الا مجازا (والثاني) ان الطلاق لفظ صريح فلم يفتقر إلى نية كالمتصرف منه وهو مستعمل في عرفهم قال الشاعر نوهت باسمي في العالمين وأفنيت * عمري عاما فعاما فأنت الطلاق وأنت الطلاق * وأنت الطلاق ثلاثا تماما وقولهم انه مجاز قلنا نعم الا أنه يتعذر حمله على الحقيقة ولا محمل له يظهر سوى هذا المحمل فتعين فيه
(٢٦٦)