كالنكاح فأما القادر فلا يصح طلاقه بالإشارة كما لا يصح نكاحه بها فإن أشار الأخرس بأصابعه الثلاث إلى الطلاق طلقت ثلاثا لأن إشارته جرت مجرى نطق غيره ولو قال الناطق أنت طالق وأشار بأصابعه الثلاث لم يقع الا واحدة لأن إشارته لا تكفي، وان قال أنت طالق هكذا وأشار بأصابعه الثلاث طلقت ثلاثا لأن قوله هكذا تصريح بالتشبيه بالأصابع في العدد وذلك يصلح بيانا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وأشار بيده مرة ثلاثين ومرة تسعا وعشرين وان قال أردت الإشارة بالإصبعين المقبوضتين قبل منه لأنه يحتمل ما يدعيه (الموضع الثاني) إذا كتب الطلاق فإن نواه طلقت زوجته وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي، وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر أنه لا يقع به طلاق، وان نواه لأنه فعل من قادر على التطليق فلم يقع به الطلاق كالإشارة ولنا أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها ونواه وقع كاللفظ ولان الكتابة تقوم مقام قول الكاتب بدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتبليغ رسالته فحصل ذلك في حق البعض بالقول وفي حق آخرين بالكتابة إلى ملوك الأطراف ولان كتاب القاضي يقوم مقام لفظه في اثبات الديون والحقوق فاما ان كتب ذلك من غير نية فقال أبو الخطاب قد خرجها القاضي الشريف في الارشاد على روايتين (إحداهما) يقع وهو قول الشعبي والنخعي والزهري والحكم لما
(٤١٢)