(فصل) فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها وكان حالا فلها ذلك قال ابن المنذر وأجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، وان قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها ومذهب الشافعي في هذا على نحو مذهبه في البيع ولنا أن في إجبارها على تسليم نفسها أولا خطر اتلاف البضع والامتناع من بذل الصداق فلا يمكن الرجوع في البضع بخلاف البيع الذي يجبر على تسليمه قبل تسليم ثمنه. فإذا تقرر هذا فلها النفقة ما امتنعت لذلك، وإن كان معسرا بالصداق لأن امتناعها بحق، وإن كان الصداق مؤجلا فليس لها منع نفسها قبل قبضه لأن رضاها بتأجيله رضى بتسليم نفسها قبل قبضه كالثمن المؤجل في البيع فإن حل المؤجل قبل تسليم نفسها لم يكن لها منع نفسها أيضا لأن التسليم قد وجب عليها واستقر قبل قبضه فلم يكن لها أن تمتنع منه، وإن كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا فلها منع نفسها قبل قبض العاجل دون الآجل، وإن كان الكل حالا فلها منع نفسها على ما ذكرنا فإن سلمت نفسها قبل قبضه ثم أرادت منع نفسها حتى تقبضه فقد توقف أحمد عن الجواب فيها وذهب أبو عبد الله بن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك وهو قول مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم فلم يكن لها أن تمتنع منه بعد ذلك كما لو سلم البائع المبيع، وذهب أبو عبد الله بن حامد إلى أن لها ذلك وهو مذهب أبي حنيفة لأنه تسليم
(٨٠)