ثم رغبت فيه فاستفتت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ كثير فأمروها أن تعتق رقبة وتزوجه فاعتقتني وتزوجته، وروى سعيد هذين الخبرين مختصرين ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور فلزمه كفارة الظهار كالآخر ولان الواجب كفارة يمين فاستوى فيها الزوجان كاليمين بالله تعالى (والرواية الثانية) ليس عليها كفارة وهو قول مالك والشافعي وإسحاق وأبي ثور لأنه قول منكر وزور وليس بظهار فلم يوجب كفارة كالسب والقذف ولأنه قول ليس بظهار فلم يوجب كفارة الظهار كسائر الأقوال أو تحريم مما لا يصح منه الظهار فأشبه الظهار من أمته (والرواية الثالثة) عليها كفارة اليمين، قال أحمد قد ذهب عطاء مذهبا حسنا جعله بمنزلة من حرم على نفسه شيئا مثل الطعام وما أشبهه وهذا أقيس على مذهب أحمد وأشبه بأصوله لأنه ليس بظهار ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار بدليل سائر الكذب والظهار قبل العود والظهار من أمته وأم ولده ولأنه تحريم لا يثبت التحريم في المحل فلم يوجب كفارة الظهار كتحريم سائر الحلال ولأنه ظهار من غير امرأته فأشبه الظهار من أمته وما روي عن عائشة بنت طلحة في عتق الرقبة فيجوز أن يكون اعتاقها تكفيرا ليمينها فإن عتق الرقبة أحد خصال كفارة اليمين ويتعين حمله على هذا لكون الموجود منها ليس بظهار وكلام احمد في رواية الأثرم لا يقتضي وجوب كفارة الظهار إنما قال الأحوط ان تكفر وكذا حكاه ابن المنذر ولا شك في أن الأحوط التكفير بأغلظ الكفارات ليخرج من الخلاف ولكن ليس ذلك بواجب عليه لأنه ليس بمنصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص وإنما هو تحريم للحلال من غير ظهار فأشبه ما لو حرم أمته أو طعامه وهذا قول عطاء والله أعلم (فصل) وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها فلا تجب عليها حتى يطأها وهي مطاوعة فإن طلقها أو مات أحدهما قبل وطئها أو اكراهها على الوطئ فلا كفارة عليها لأنها يمين فلا تجب كفارتها قبل الحنث فيها كسائر الايمان ولا يجب تقديمها قبل المسيس ككفارات سائر الايمان ويجوز تقديمها لذلك وعليها تمكين زوجها من وطئها قبل التكفير لأنه حق له عليها فلا يسقط بيمينها ولأنه ليس بظهار وإنما هو تحريم
(٦٢٢)